إحياء بلاد الاسلام وأنها على ضربين بلاد أسلم أهلها وبلاد فتحت
غنيمة ، و لا يملكه الغانمون ، و يكون على الاباحة كالموات ، لانه لا يدرى هل من أظهره قصد التملك أم لا ، فلا يدرى أنه كان ملكه فيغنم ، و الاصل أنه على الاباحة .عفو بلاد العرب هى الموات ، و يروى : عفو بلاد العرب و هي الساحة و المراد به الموات فالصحيح أنه بالفاء و هي الارض المتروكة التي لم يعمرها أحد ، و لا يكون فيها عين و لا أثر .فإذا ثبت هذا فبلاد الاسلام على ضربين : بلاد أسلم أهلها عليها ، و بلاد فتحت ، فأما التي أسلم أهلها عليها مثل مدينة رسول الله صلى الله عليه و آله فان العامر لاهله بلا خلاف ، و أما الموات فعلى ما مضى ذكره : ما جرى عليه أثر ملك و ما لم يجر عليه ملك و قد مضى بيانه .و أما التي فتحت عليه فانها لا تخلو إما أن تكون فتحت عنوة أو صلحا فان فتحت عنوة فان كان عامرا كان غنيمة ، و قد ذكرنا من يستحقه ، عندنا جميع المسلمين و عند المخالف المقاتلة .فأما الموات فان الذي لم يقاتلوا عنه من الموات يكون حكمه حكم موات دار الاسلام ، و أما الذي قاتلوا عنه من الموات فعندنا أنه للامام أيضا لعموم الخبر ، و في الناس من قال إن قتالهم عنه يكون تحجيرا فيكونون أولى به ، و فيهم من قال ليس ذلك بتحجير ، بل هو سبب للاغتنام ، فيصير من جملة الغنيمة .و أما إذا فتح صلحا فلا يخلو إما أن يصالحهم على أن يكون الدار لنا أو على أن يكون الدار لهم ، فان صالحهم على أن يكون الدار لهم بشيء يبذلونه صح ذلك و يكون الدار لهم ، و العامر ملكهم و الموات على ما كان عليه ، فمن أحيا شيئا باذن الامام كان أولى به ، و إن أحيا المسلم منه شيئا باذن الامام كان أيضا أولى به ، و فيهم من قال إذا أحياه المسلم لم يملك .و يفارق دار الحرب حيث قلنا إذا أحيا شيئا منها ملك ، لان دار الحرب تملك بالقهر و الغلبة ، فتملك بالاحياء ، و ليس كذلك هذه الدار التي حصلت لهم بالصلح لان المسلمين لا يملكونها بالقهر و الغلبة .و على مذهبنا لا فرق بين الموضعين .