فان ادعى الملتقط فقد ثبت دعواه في حال لم يكن منازع ، فمتى ادعى الاجنبي بعد ذلك فيقال له ألك بينة ، فان قال نعم و أقامها ، قيل للملتقط ما تقول ؟ فان قال ليس لي بينة فانه يحكم للثاني ، لان البينة أولى من الدعوي ، و إن قال لي بينة فقد حصل مع كل واحد منهما بينة و قد تعارضتا ، و قد مضى القول فيها ، و اليد لا تأثير له هيهنا ، لان اليد إنما تكون له تأثير فيما يملك ، و النسب ليس كذلك .و من قال تبطل البينتان و قال نريه القافة ، فان قالت للاول ألحقناه به ، و إن قالت هو للثاني حكم للثاني ، و إن قالت هو ابن لهما تحقق خطاؤها ، لانه لا يجوز أن يكون ابنا لهما و يوقف حتى يبلغ و يختار .فإذا أراد الاختيار قيل له : اختر و لا تختر أنظفهما و لا أغنا هما و إنما تختار لما تميل إليه طبعك .فكل موضع حكم بالقافة و دفع إليه بحكمهم ، و أقام الآخر البينة فانه يحكم ببينته ، لانها أولى من القافة ، لانها تشهد عن سماع ، و القافة يحكم بغلبة الظن و لان البينة متفق عليها و القافة مختلف فيها .المسألة بحالها و يدهما عليه ، و الاولى كانت يد أحدهما عليه فإذا كان يد هما عليه : فإذا كان مع أحدهما بينة حكم له بها و إن أقام كل واحد منهما بينة فقد تعارضتا و أقرع بينهما .و إن وصف أحدهما لا يحكم له به ، خلافا لابي حنيفة ، لانه قال : إن وصف أحد هما شيئا على يديه حكم له به .رجلان ادعيا لقيطا و ادعيا حضانته ، فادعيا ملكه ، و ادعى كل واحد منهما أنه وجده و الحضانة له ، فان كان مع أحدهما بينة و لم يكن مع الآخر حكم له بها .و إن كان مع كل واحد منهما بينة ، فان كانتا مطلقتين أو مورختين متفقتين أو أحدهما مورخة و الاخرى مطلقة ، فالحكم فيها كلها واحد ، فقد تعارضتا و حكم بالقرعة ، و الخلاف على ما مضى ، و فيمن وافقنا في القرعة من قال : إنه إذا خرج اسم أحدهما حلف مع ذلك .