و عليه صاع آخر مثل الذي غصبه .فان غصبه صاعين عصيرا فأغلاه فنقص كيله دون قيمته ، مثل أن كانت قيمتهما أربعة فعاد إلى صاع قيمته أربعة منهم من قال : الحكم فيه كالحكم في الزيت سواء و قد مضى ، و ليس بصحيح ، و منهم من قال يرد هذا الصاع و لا شيء عليه سواه و هو الصحيح و الفصل بينهما أن النار لا تعقد أجزاء الزيت فإذا ذهب بعض العين كان كالتالف للزيت عينه و ذاته ، فلهذا كان عليه ما نقص .و ليس كذلك العصير لان فيه ماء فالنار تأكل منه الماء و تعقد الاجزاء ، ألا تراه يثخن و يزيد حلاوته ، فكان الذي ذهب منه لا قيمة له ، فلهذا لم يضمن نقصان الكيل .إذا غصب دقيقا فخلطه بدقيق من عنده ، فهو كالزيت و لا خلاف أنه إن لم تزد قيمته أنه لا يضمن بالمثل لان الدقيق يضمن بقيمته من غالب نقد البلد ، كالثياب و الحيوان و الخبز فإذا خلطه بدقيق من عنده فهو على ما مضى من القولين : أحدهما أنه كالمستهلك و القيمة في ذمة الغاصب ، و الآخر أنهما شركاء و هو الصحيح .ثم ينظر ، فانكان الدقيقان مختلفين بيعا معا لهما ، و إن كا=نا سواء ناسواء فهل يقسم بينهما أم لا ؟ يبنى على القولين في القسمة ، فمن قال القسمة بيع لم يجز ، لان بيع الدقيق بالدقيق لا يجوز ، و إذا قالوا إفراد حق جاز ، كما لو قالوا في قسم الرطب .و هذا صحيح عندنا على الوجهين : لان بيع الدقيق بالدقيق عندنا جايز و القسمة أيضا ليس ببيع .إذا غصب طعاما فعفن عنده بطول المكث أو بصب الماء عليه : نظر ، فإن استقر نقصه و أمن أن يزداد فيما بعد نقصانه ، رده و عليه أرش ما نقص ، لان جنايته قد استقرت ، فهو كما لو كان ثوبا فجنا عليه فإنه يرده و ما نقص با لجناية .و ان كان العيب و العفن لم يستقر و قالوا إنه ينقص فيما بعد فالحكم فيه كالحكم في الزيت إذا صبه في الماء و قالوا ينقص فيما بعد و قيل فيه قولان أحدهما كالمستهلك و هو الاقوى ، و الثاني أنه يأخذه و ما نقص ، و كل ما ينقص في المستقبل بطالبه به أبدا حتى يستقر النقص .