إذا كان رب المال واحدا والعامل اثنين وبالعكس وفيه فروع 191
إذا دفع إليه ألفين قراضا فتلف بعض المال
فان دفع إليه ألفين قراضا فتلف بعض المال : نظرت ، فان تلف إحدى الالفين قبل أن يدور المال في التجارة كان محتسبا من رأس المال ، لان التالف عين مال رب المال ، و إن تلف المال بعد أن دار في التجارة كان من الربح لان الربح وقاية لمال رب المال ، فما ربح بعد هذا كان وقاية لما تلف منه .و إن أخذ الالفين فاشترى بكل ألف عبدا فتلف أحد العبدين قيل فيه وجهان : أحدهما من الربح لانه تلف بعد أن دار المال في التجارة ، فهو كما لو تكرر دورانه و الوجه الثاني من صلب المال ، لان هذا العبد التالف بدل ذلك الالف ، وكأن الالف قد تلف بنفسه .و قيل إنه متى تلف من المال شيء بعد أن قبضه العامل كان من الربح ، بكل حال ، سواء كان بعد أن دار في التجارة أو قبل ذلك ، و هو الصحيح .فإذا ذهب بعض المال قبل أن يعمل ثم عمل فربح ، فأراد أن يجعل البقية رأس المال بعد الذي هلك فلا يقبل قوله ، و يوفى رأس المال من ربحه حتى إذا وفاه اقتسما الربح على شرطهما ، لان المال إنما يصير قراضا في يد العامل بالقبض فلا فصل بين أن يملك قبل التصرف ، أو بعده و قبل الربح ، فالكل هالك من مال رب المال فوجب أن يكون الهالك أبدا من الربح لامن رأس المال .فان دفع إلى رجلين ألفا على أن الربح لهما منه النصف نظرت ، فان سكت على هذا و لم يزد ، كان لهما النصف بينهما نصفين ، و الباقى لرب المال ، لان عقد الواحد مع الاثنين في حكم العقدين المنفردين ؟ وكأن رب المال عقد مع أحدهما قراضا بخمس مائة على أن له نصف الربح ، و مع الآخر على خمسمأة على أن له نصف الربح ، و هذا سائغ .فان كانت بحالها فقال لهما إن لكما نصف الربح : الثلثان منه لهذا ، و ثلثه لهذا ، صح أيضا فيكون كأن أحد العاملين عقد معه على الانفراد على خمس مائة على أن له ثلث الربح و الآخر عقد على الانفراد على أن له سدس الربح ، و لو عقدا منفردين هكذا لكان صحيحا كذلك إذا كان صفقة واحدة .