إذا أقر بالهبة والقبض ثم قال : ما كنت أقبضته إياه وفيه فروع
لا يدل على أنه ما أقبضه بعد ، لانه يجوز أن يكون أقبضه ثم رجع إليه بسبب آخر .فان قال بعد ذلك ما كنت أقبضه إياها و إنما كنت وعدته بالقبض لم يقبل رجوعه عن إقراره ، لانه مكذب نفسه فيما تقدم من إقراره ، فان قال حلفوه لي أنه كان قد قبضه ، فهل يحلف أم لا ؟ قيل إنه يحلف و هو الصحيح ، و في الناس من قال إن كان يدعى أن وكيله أخبره أنه أقبضه إياه فأخبر على ذلك الظاهر ثم بان له بعد ذلك أنه ما كان قد أقبضه و كذب في قوله ، حلف المقر له بالهبة فأما إذا لم يدع ذلك و كان إقراره بقبض تولاه بنفسه لم يحلف له الموهوب له .و إذا قال وهبت هذا الشيء له و خرجت إليه منه فليس هذا بصريح في الاقرار بالقبض فينظر ، فان كان الموهوب في يد الموهوب له ، كان ذلك إقرارا بالقبض و يكون ذلك إمارة على أنه أراد به القبض ، و إن كان في يد الواهب لم يلزمه الاقرار بالقبض و يكون معنى قوله خرجت إليه منه أنه أذن له في القبض و لم يقبض بعد .و لو قال وهبته له و ملكه لم يكن إقرارا بلزوم الهبة لانه يجوز أن يقول ذلك على قول مالك ، لان عند مالك يلزم بنفس العقد و يملك الموهوب ، فلا يلزمه الهبة مع احتماله .و لو قال : وهبت لي هذا الشيء و أقبضتنيه و ملكته ؟ فقال نعم ، كان ذلك إقرارا بلزوم الهبة ، فكأنه قال : وهبت لك الشيء و أقبضتكه و ملكته ، لان لفظ نعم يرجع إلى جميع ذلك على وجه التصديق ، و لهذا لو قال لرجل لي عليك ألف درهم ؟ فقال نعم كان إقرارا بالالف على نفسه ، فكأنه قال لك على ألف درهم .هبة المشاع جايزة سواء كان ذلك مما يمكن قسمته أولا يمكن قسمته ، و فيه خلاف ، فإذا ثبت ذلك فان وهب شيئا مشاعا فلا يخلو أن يكون مما ينقل و يحول أو مما لا ينقل ، مثل أن يهب له نصف دار ، فالقبض فيها التخلية ، فإذا خلى بينه و بينها فقد حصل القبض ، و لزم العقد .و إن كان مما ينقل فلا بد من القبض ، و القبض النقل و التحويل ، و لا يمكن النقل و التحويل إلا باذن الشريك ، فيقال للشريك أ ترضى أن يقبض الموهوب له الكل