لان إطلاق العمل يقتضى أن الربح كله لرب المال ، و إنما يستحق العامل بالشرط و العمل ، فإذا ذكر شيئا كان للعامل ، و الباقي لرب المال .فان اختلفا فقال رب المال شرطته لنفسي لا لك ، فالقراض فاسد ، و قال العامل شرطته لي لا لك فالقراض صحيح ، فالقول قول العامل لان ظاهر الشرط له ، و معه سلامة العقد فلا تقبل قول غيره عليه .و إن قال : خذه قراضا على أن الربح بيننا ، فالقراض صحيح ، لان قوله بيننا معناه بيننا نصفين كرجل قال هذه الدار بيني و بين زيد ، كان إقرارا بأنها بينهما نصفين .و جملته أن هاهنا ثلاثة عقود : عقد يقتضى أن الربح كله لمن أخذ المال و هو القرض ، و عقد يقتضى أن الربح كله لرب المال و هو البضاعة يقول له : خذ المال فاتجر به ، و الربح كله لي ، فانه يصح لانها استعانة منه على ذلك ، و عقد يقتضي أن الربح بينهما و هو القراض ، فإذا قال خذه و أتجر به صلح هذا للثلاثة عقود : قرض و قراض و بضاعة فإذا قرن به قرينة أخلصته إلى ما تدل القرينة عليه .فان قال خذه فاتجر به و الربح لك كان قرضا لانها قرينة تدل عليه و إن قال خذه فاتجر به على أن الربح لي كان بضاعة ، و إن قال خذه و أتجر به على أن الربح بيننا كان قراضا لان القرينة تدل عليه .و إن كانت اللفظة خالصة للعقد الواحد ، فقرن به قرينة نظرت ، فان لم يخالف مقتضاه لم يقدح فيه ، و إن خالفت مقتضاه فسد العقد ، بيانه إذا قال خذه قراضا ، هذا خالص للقراض ، و مقتضاه أن الربح بينهما ، فان قال على أن الربح بيننا صح ، لانها قرينة تدل على مقتضاه ، و إن قال : على أن الربح لك كان قراضا فاسدا لانها قرينة تخالف مقتضاه .فان قال على أن الربح كله لي ، فهو قراض فاسد أيضا ، و لا يكون بضاعة ، و في الناس من يقول يكون بضاعة و لا يكون قراضا فاسدا ، و هذا غلط ، لان لفظ القراض يقتضي الاشتراك في الربح ، فإذا شرط لاحد هما كان قراضا فاسدا كما لو شرط كله للعامل .