الرجوع ، لانه قد تصرف فيه ، و روى أصحابنا أن الموهوب له إذا تصرف في الهبة لم يكن للواهب الرجوع فيها .إذا وهب لابنه جارية فليس له الرجوع فيها عندنا إن كان صغيرا ، و إن كان كبيرا و قبضه إياها مثل ذلك ، و إن لم يكن قبضه جاز له الرجوع ، و في الناس من قال له الرجوع فيها على كل حال ، فان وطئها فهل يكون ذلك رجوعا أم لا ؟ قيل فيه قولان : أحدهما يكون رجوعا كما قال في البايع إذا وطي الجارية المبيعة في يده في مدة الخيار الذي شرطه لنفسه ، و يكون ذلك استرجاعا منه في المبيع ، و الثاني لا يكون رجوعا لان ملك الابن قد استقر عليها ، و الاب يريد أن يزيل ملكه المستقر فالرجوع من ذلك لا يصح بالقول ، كما لو اشترى جارية ثم فلس المشترى و ثبت للبايع الخيار فوطئها لم يكن فسخا و استر جاعا منه .إذا وطي الابن الجارية ثم استرجعها الاب فلا مهر لها عليه ، لانه وطئها في ملكه كالمشترى إذا وطئها ثم أصاب بها عيبا فانه يردها و لا مهر عليه ، و على مذهبنا لا يصح هذا في الابن و لا في الاجنبي لانه تصرف في الموهوب ، و قد بينا أنه إذا تصرف فيه فليس له الرجوع فيه .إذا وهب للغاصب العين المغصوبة صحت الهبة ، فإذا أذن له في القبض و مضى زمان يمكن فيه القبض ، لزمت الهبة ، و سقط عنه ضمان الغصب ، لانه ملكه ، فهو كما لو باعه ، و إن وهب لغير الغاصب ، فان كان الموهوب له لا يقدر على انتزاعه من الغاصب لم يصح كما لا يصح بيعه على هذه الصورة .و إن كان يقدر على ذلك بأن يكون أقوى يدا منه صح العقد ، فإذا أذن له في قبضه منه فقبضه لزم العقد و برئ الغاصب ، و إن أذن له في القبض فوكل الموهوب له الغاصب في القبض له من نفسه صح ذلك ، فإذا مضى زمان الامكان لزمت الهبة بحصول القبض ، و برئ الغاصب من الضمان ، لان الملك قد زال عمن كان غصبه عليه و ضمنه بالتعدي في حقه ، فحصل في ملك من لم يتعد في حقه .إذا وهب الجارية للمستعير صح العقد ، فإذا أذن له في القبض و مضى زمان الامكان