ماله بعينها ، فانتقل إلى الذمة و يكون الغاصب با لخيار بين أن يعطيه من عينه فيلزم المغصوب منه قبوله ، لاجل أنه تطوع له بخير من زيته ، لا لانه أعطاه عين ماله ، و بين أن يعطيه مثله من غيره ، لانه كالمستهلك .
فإن خلطه بمثله فهو كالمستهلك و الغاصب بالخيار بين أن يعطيه بكيله من عينه أو مثله من غيره ، و في الناس من قال هو شريكه فيه يملك مطالبته بقسمته يأخذ مثل كيله منه و هو أقرب ، لانه قدر على بعض عين ماله و بدل الباقى ، و لا معنى أن يجبر على مثل من غيره مع وجود بعض العين ، كما لو غصب ( حبا ) صاعين فتلف أحد هما ، فان المغصوب منه يأخذ الموجود و بدل التالف ، و لا يلزمه أن يأخذ البدل من الموجود و التالف معا .
و إذا خلطه بما هو أدون منه فهو كالمستهلك أيضا ، فعلى هذا على الغاصب أن يعطيه مثل زيته من هذه الجملة ، فإذا فعل لزمه أن يقبل ، فان أراد أن يعطيه من عينه لم يجبر المغصوب منه على قبوله لانه دون حقه ، و إن اختار المغصوب منه أن يأخذ من عينه لم يجبر الغاصب على ذلك ، و إن رضي المغصوب منه بدون حقه ، لان حقه في الذمة فلا يجبر عليه جهات القضاء .
و إن اتفقا على أن يأخذ مقداره من عينه جاز لانه قد رضى ببعض حقه و إن اتفقا على أن يعطيه من عينه بقيمة زيته لم يجز ، لانه ربا .
و إن خلطه بغير جنسه مثل أن صبه في شيرج أو بان ( 1 ) فيكون ذلك مستهلكا لانه يتعذر عليه أن يصل إلى عين ماله و على الغاصب مثل زيته من هذه الجملة ، فان اختار أن يعطيه من عينه لم يجبر على قبوله ، لانه لا يلزمه أن يقبل من جنس حقه ، و إن اختار المالك أن يأخذ من عينه لم يجبر الغاصب عليه ، لانه لا يلزمه أن يعطيه من جنسه ، فإن تراضيا على أن يأخذ مقداره من عينه ، جاز لان له أن يأخذ بدل حقه مع التراضى .
1 - البان : شجر سبط القوام لين ورقه كورق الصفصاف و لحب ثمره دهن طيب ، و حبه نافع للبرش و النمش و الكلف و الحصف و البهق و السعفة و الجرب و تقشر الجلد طلاء بالخل و له منافع اخر .