اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الموضوع هو الثاني و لكن يرى العرف ما ليس مصداقاً للدليل مصداقاً له لأجل وجود الملازمة العرفية بين الملاقاة والسراية والعرف كما هو مرجع في تحديد المفاهيم فهكذا مرجع في تحديد المصاديق.
قداستثنى المحقّق الخراساني ـ وراء خفاء الواسطة ـ مورداً آخر أيضاً و قال: كما ما لا يبعد ترتيب ما كان بوساطة ما لا يمكن التفكيك عرفاً بينه وبين المستصحب كما لا تفكيك بينهما واقعاً لأجل وضوح لزومه أو ملازمته معه بمثابة عدّ أثره أثراً لهما فانّ عدم ترتيب مثل هذا الأثر عليه يكون نقضاً ليقينه بالشك أيضاً حسب ما يفهم من النهي عن نقضه عرفاً.(1)
والأوّل كاستصحاب عدم الإتيان بالفريضة الملازم عرفاً لعنوان الفوت الذي هو الموضوع في لسان الدليل، ولكن كما كان التفكيك بينهما غير ممكن يغني استصحاب العدم، من إثبات عنوان الفوت.
والثاني كالأُبوة والبنوة المعلولين لعلة ثالثة، و هي تخلّق أحدهما من ماء الآخر، فانّ تنزيل أُبوة زيد لعمرو مثلاً يلازم تنزيل بنوة عمرو له، فيدلّ تنزيل أحدهما على تنزيل الآخر كما هو كذلك في المتضائفين.
يلاحظ على القسم الثاني: بأنّه إذا كان أبوة زيد متيقنة في فترة من الزمان، تكون بنوة عمرو أيضاً كذلك، فكلّ منهما صالح للاستصحاب من دون حاجة لاستصحاب أحدهما لاثبات ملازمه وترتيب أثره، على أنّ هذا المثال لا يقبل الشك الاستصحابي وإن كان يقبل الشك الساري فلابدّ من تمثيل آخر.
1. كفاية الأُصول: 2 / 327 .