يقبل الجعل الاستقلالي كما إذا قال: خبر الثقة حجّة، كما يمكن انتزاعها من الأحكام التكليفية في مورده، كما إذا أوجب العمل على وفق خبره في مقام الطاعة.
أمّا الضمان والكفالة: فيتقبلان الجعل الاستقلالي كما في قوله سبحانه: (وَأَنَا بِهِ زَعيم) (1)يمكن انتزاعهما من الأحكام التكليفية في موردهما، أعني: إلزام الشخص برد مثل ما اشتغلت به ذمّة المضمون عنه، أو إلزام الشخص بتسليم المكفول عنه.
أمّا الصحّة: فالعقلية منها غير قابلة للجعل، أعني: مطابقة المأمور به للمأتي به، وأمّا الشرعية منها أعني : قبول الناقص مكان الكامل كما في مورد قاعدتي الفراغ والتجاوز، فيصح جعلها استقلالاً، كما في قوله:«كلّما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكراً فامضه ولا إعادة عليك»(2) فالمتبادر جعل الصحة الشرعية على العمل الناقص كما يمكن انتزاعها من الحكم التكليفي الوارد في موردها كالحكم بعدم الإعادة.
أمّا الطهارة والنجاسة الشرعيتان: فهما أعم من العرفية، إذ قد يعدّ الشرعُ القِذر طاهراً، كما في عرق الإنسان، والديدان والوذي والمذي والدم المتخلّف في عروق الحيوان، أو يحكم بنجاسة ما لا يعدّه العرف قذِراً كنجاسة الكفّار وأولادهم، ونجاسة الخمر، فهما قابلتان للجعل استقلالاً، مثل قوله: (إِنَّما المُشْرِكُون نَجس) (3) بناء على أن الآية بصدد جعل النجاسة عليهم ، كما هما قابلتان للجعل تبعاً للآثار والأحكام التكليفية، كوجوب الاجتناب عن الخمر
1. يوسف:72.2. الوسائل: الجزء 1، الباب 41 من أبواب الوضوء، الحديث 6 .3. التوبة: 28.