والنضال المسلح، وأين هذا من الاختلاف في أندية الدروس، ومحافل البحث والدراسة، لاستثمار ما تلقاه وصبغه بصبغة خاصة تعطي له سمة وميزة؟!
وهذا ما يعطيه الاِمعان في حياته، والغور في الآثار الباقية منه وأقصى ما يمكن أن يقال: إنّه كان يفتي عند السوَال، بمضمون الرواية، أو ببسط الضوابط الكلية.
وبذلك يعلم حال السوَال الثاني، فإنّ المراد من المنهاج الخاص، هو القواعد الكلية الاَُصولية التي منها يستمد الفقه، وبها ينصبغ، فالفقه المستمد من القياس والاستحسان غير الفقه المستنبط من الكتاب والسنّة والوقوف فيما لا نص فيه، ومن المعلوم أنّه لم يكن لزيد ذلك المنهاج ولو كان لبان في آثاره العلمية، أو نقله طلابه وملازموه كما هو الحال في أبي حنيفة، فقد انعكست آراوَه على فقه تلاميذه كالشيباني وأبي يوسف وغيرهما.
وأمّا الموضوع الثالث فالاِجابة عنه سهلة، بعد الوقوف على اعتبار الاجتهاد المطلق عند الزيدية فقد فتحوا ـ كالاِمامية ـ بابَ الاجتهاد المطلق في الفروع والاَُصول فخالفوا زيداً في قسم من الفروع، وركنوا إلى أُصول لم يعلم الركون به من إمامهم.
وإن شئت قلت: هناك فرق بين اجتهاد الاَحناف، والشوافع واجتهاد أئمة الزيدية فالطائفة الاَُولى كانوا مجتهدين لكن مقيدين بأُصول إمامهم ومناهجه. وكانوا يبذلون مساعيهم لاستكشاف آراء إمامهم في ضوء الاَُصول الواصلة إليهم منه. وأمّا أئمة الزيدية، فلاَجل فتح باب الاجتهاد المطلق صاروا مجتهدين مستقلين ربما وافقوا إمامهم، وأحياناً خالفوه ولذلك ترى بعداً شاسعاً بين المجموع الفقهي المنقول عن الاِمام زيد وكتاب الاَحكام للاِمام الهادي المطبوع المنتشر في جزئين، ومثله الروض النضير فالموَلف وإن كان زيدياً، لكن كتابه هذا،