هل كان لزيد مذهب فقهي خاص ؟
هل كان لزيد مذهب فقهي خاص كسائر المذاهب الفقهية الذائعة في
عصره وبعده؟
وهل كان لزيد منهاج خاص يسير عليه في استنباطه وافتائه؟
وهل الاَئمة الزيدية ـ وأخص بالذكر أئمة الاجتهاد منهم ـ مشوا على ضوء
آرائه ولم يخالفوه، والفقه الزيدي الموجود، تبسيط لفقهه ورأيه؟
هذه موضوعات ثلاثة جديرة بالبحث والدراسة على ضوء ما ورثناه من
زيد من الكتب، والفقه الزيدي الرائج اليوم.
فلنشرح الموضوع الاَوّل فنقول:
كان زيد رجلاً عابداً زاهداً، حليف القرآن والعبادة، وتعلّم ما تعلم في
أحضان والده وأخيه الاِمام الباقر _ عليه السلام _ وروى عن عدّة من التابعين، ولم
يكن موطنه يوم ذاك، مهداً لمذهب فقهي خاص يتميز بسماته عن المذاهب
الاَُخر حتى يكون الاِمام أحدهم، ويكون له مذهب متمايز عن الآخرين، وأقصى
ما كان يتمتع به التابعون والراوون عنهم، هو الاِفتاء في ضوء الروايات الواصلة
إليهم، وتجريدها عن الاسناد، أو استثمار الضوابط التي تلقوها عن الرسول الاَعظم
واستخراج أحكام الجزئيات منها أو التخريج على أقوال الصحابة وغيره، وأين هذا
من كونه إمام مذهب خاص له سمات وميزات، تميزه عن سائر المذاهب الفقهية،
كما هو الحال في المذاهب المعروفة ولاسيما المذاهب الاَربعة؟ هذا حال زيد في
موطنه، وأمّا حاله في غيره، فقد غادر المدينة كراراً، ونزل الشام والكوفة، إمّا بالجبر
والاضطرار، أو بالحرية والاختيار، ولم تكن الغاية له في تلك الرحلات إلاّ إجابة
الجبر، أو دعم المبدأ وإنهاض المسلمين ضد الاَمويين وبالتالي، دعم الجهاد