وفي الختام:
نقل المقريزي عن عاصم بن عبيد اللّه أنّه قال: لقد أُصيب عندكم رجل
ماكان في زمانكم مثله، ولا أراه يكون بعده مثله (زيد بن علي) لقد رأيته وهو غلام
حدث، وأنّه ليسمع الشيء من ذكر اللّه فيغشى عليه، حتى يقول القائل ما هو بعائد
إلى الدنيا... (1).
حياته في عصر الاِمام الباقر _ عليه السلام _ :
التحق الاِمام زيد العابدين _ عليه السلام _ بالرفيق الاَعلى، ونصّ على إمامة
ولده البارّ، أبي جعفر محمد الباقر _ عليه السلام _ الذي دان بفضله وعلمه وورعه
الداني والقاصي، والموَالف والمخالف قال ابن حجر: سمّي الاِمام باقراً، لاَنّه من
بقر الاَرض أي شقّها وإثارة مخبآتها ومكامنها، فكذلك هو أظهر من مخبآت
كنوز المعارف وحقائق الاَحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس
البصيرة أو فاسد الطويّة والسريرة، ومن ثم قيل هو باقر العلم وشاهر علمه
ورافعه(2).
لقد استنارت بقية الصحابة ووجوه التابعين، من نوره، وارتووا من منهل
علمه، فكان الاحتفال بمجالسه أكبر احتفال، يوم ذاك. توفي الاِمام زين العابدين ـ
عليه السلام ـ، وزيد بن علي في أوان حلُمه، أو بعده بقليل فضّمه الاِمام الباقر إلى
أولاده فكان يعطف عليه ويحنو إليه كالوالد الروَوف بالنسبة إلى أولاده إلى أن شبّ
وترعرع، وبلغ في العلم والعمل ما بلغ، وقد نصّ بذلك أكثر من كتب عن زيد:
(1) السياغي: الروض النضير: 1| 98، لاحظ الخطط للمقريزي: 2|419.
(2) ابن حجر: الصواعق المحرقة: 200، ط2، مكتبة القاهرة (1385هـ ـ 1965م) .