[الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ]
ولعمري لو لم يكن نال علماء الاَزمنة من ظلمتها، وأكابرها، ومفسديها،
شدة وغلظة وعداوة، ما وصّاهم اللّه تعالى وحذّرهم. ذلك أنّهم ما ينالون ما عند
اللّه بالهوينا ولا يخلدون في جنّته بالشهوات.
فكره اللّه تعالى للعلماء ـ المستحفظين كتبه وسنّته وأحكامه ـ ترك ما
استحفظهم، رغبة في ثواب من دونه، ورهبة عقوبة غيره. وقد ميزكم اللّه تعالى
حقّ تميز، ووسمكم سمة (1)لا تخفى على ذي لب، وذلك حين قال لكم:
"والمُوَْمِنُونَ وَالمُوَْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ وَيُوَْتُونَ الزَكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلئِكَ سَيرْحَمُهُمُ
اللّهُ إنَّ اللّهَ عَزيزٌ حَكِيم" (2).
فبدأ بفضيلة الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بفضيلة الآمرين
بالمعروف والناهين عن المنكر عنده، وبمنزلة القائمين بذلك من عباده.
ولعمري لقد استفتح الآية في نعت الموَمنين بفريضة الاَمر بالمعروف
والنهي عن المنكر. فاعتبروا عباد اللّه وانتفعوا بالموعظة.
وقال تعالى في الآخرين: "المُنَافِقُونَ والمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ" (3).
فلعمري لقد استفتح الآية في ذمّهم بأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف
فاعتبروا عباد اللّه وانتفعوا.
(1) السمة: العلامة.
(2) التوبة: 71.
(3) التوبة: 67.