وبما أنّ لزيد الشهيد بين الاَُمة الاِسلامية، وعند أئمة العترة الطاهرة مكانة خاصة، ومنزلة كبيرة لم تكن لسائر أئمة الزيدية، من الحسنيّين والحسينيّين الذين شايعوا زيداً في الخروج على الخلفاء، ومارسوا خطّه في الجهاد، ـ وكانت مساعي الجميع مشكورة ـ لم نجد بدّاً من فتح بابين، يتكفّل أحدهما، لبيان حياة زيد وآثاره وجهاده ونضاله، ويختص الآخر، ببيان حياة أئمة الزيدية والاِيعاز إلى الدول الّتي أسّسوها، والاَُصول التي اختاروها في مجال العقيدة، والمنهج الذي سلكوه في استنباط الاَحكام الشرعية إلى غير ذلك من مباحث جانبيّة، تسلّط الضوء على الموضوع.
ولاَجل إيضاح تاريخ زيد وأتباعه قسمنا الكتاب إلى قسمين:
1ـ ما يرجع إلى زيد من ولادته إلى شهادته وذلك في ضمن أربعة عشر فصلاً.
2ـ يتكفل ببيان السائرين على دربه وما يمت إليهم بصلة .
وقبل أن ندخل في صلب الموضوع نشير إلى بعض الفرق التي خلقتها السياسة في أوساط الشيعة في عصر الاَئمة الثلاثة: السجّاد والباقر والصادق ـ عليهم السلام ـ بوجه موجز، مع الاِشارة إلى الفرق الواقعية وإن كانت قليلة.