الرئيس (1)، حتى يقف على أنّ صدور الكرامات من الاَولياء ليس أمراً معضلاً، بل
الاَُصول العقلية توَيده والكتاب والسنّة يوافقانه.
6 ـ الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
إنّ الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من الاَُصول المسلّمة لدى
المسلمين عامّة من غير فرق بين الفرق: المعتزلة والاَشاعرة والاِمامية. قال القاضي
عبد الجبار: «لا خلاف بين الاَُمّة في وجوب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر»
(2) .قال الشيخ المفيد: «إنّ الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان فرض على
الكفاية بشرط الحاجة إليه لقيام الحجّة على من لاعلم لديه إلاّ بذكره...» (3).
وهو مشروط بشروط مذكورة في كتب القوم، غير أنّ الشيخ أبا زهرة زعم أنّ
الاَصل المذكور، لايجتمع مع القول بالتقية، وزعم أنّ أبا الشهداء وحفيده زيد الثائر
أخذا بالاَصل الاَوّل، وأمّا أباه أعني: علي زين العابدين رأى من الحكمة ألاّ يخرج
إلاّ مع العدد والقوة، ولاَنّ تلك الحوادث (حوادث كربلاء) جعلته يشك في وجود
النصراء الاَقوياء في اعتقادهم، فانصرف إلى العلم غير راض ولامطمئن للباطل.
ـ ثم قال: ـ ومن هنا تولد عند الشيعة مبدأ التقية وهي السكوت عن مقاومة
الباطل من غير رضا به ـ إلى أن قال: ـ إنّ زيداً آمن بالاَصل الاَوّل وروي إنّه رخص
في التقية لكنه كان في أوّل حياته وفي وقت انصرافه للدراسة كان يأخذ بمبدأ
التقية، لكنّه بعد أن درس الفرق المختلفة والتقى بأهل العراق غلب الاَمر
بالمعروف والنهي عن المنكر (4).
(1) أبو علي: الاِشارات: 3|497.
(2) القاضي عبد الجبار: شرح الاَُصول الخمسة: 741.
(3) المفيد: أوائل المقالات: 98.
(4) أبو زهرة: الاِمام زيد: 215 ـ 217.