ما أثر عنه من قول قبل الخروج وأوانه :
إنّ دراسة ما نقل عنه من كلمة أو كلمات يوقفنا على مرماه من الثورة، فإن
الاِنسان بصير على نفسه ومهما اهتم على كتمان ما يضمره لكنه سيظهر على
لمحات وجهه وفلتات لسانه، ولكن الثائر أصحر بهدفه في غير واحد من
المواضع حتى أنّ الحاكم الاَموي (هشام بن عبد الملك) اتّهمه بفكر الثورة والقيام
على النظام، وهذا يدلّ على أنّه كان يبوح بها آونة بعد أُخرى، وإليك هذه
الكلمات:
1 ـ إنّما خرجت على الذين أغاروا على المدينة يوم الحرة ثم رموا بيت اللّه
بحجر المنجنيق والنار (1)
ويشير ثائرنا بكلامه هذا إلى ما ارتكبه الحجاج قائد الجيش الاَموي ـ يوم
التجأ ابن الزبير إلى البيت ـ فحصّبـه بالحجارة مستعيناً بالمنجنيق الذي نصبه
الجيش على جبل أبي قبيس، المشرف على الكعبة. كما مر في ثورة عبد اللّه بن
الزبير.
2 ـ إنّما خرجت على الذين قاتلوا جدي الحسين _ عليه السلام _ (2)
3 ـ روى عبد اللّه بن مسلم بن بابك، قال: خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة
فلما كان نصف الليل واستوت الثريا فقال: يا بابكي ما ترى هذه الثريا؟ أترى أنّ
أحداً ينالها؟ قلت: لا، قال: واللّه لوددت أنّ يدي ملصقة بها فأقع إلى الاَرض، أو
حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة وأن اللّه أصلح بين أُمّة محمّد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ (3).
إنّ هذه الكلمة إشراقة من كلام الحسين ووصيته إلى أخيه محمد ابن
الحنفية: «إنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب
الاِصلاح في أُمّة جدي، وشيعة أبي علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحقّ فاللّه
(1) البغدادي: الفرق بين الفرق: 35 ـ 36.
(2) البغدادي: الفرق بين الفرق: 35 ـ 36.
(3) أبو الفرج الاصفهاني: مقاتل الطالبيين: 87.