الفصل التاسع
في عقائد الزيدية
قد ساقنا الغور في حياة زيد الثائر الشهيد، إلى الحكم بأنّه لم يكن صاحب
منهج كلامي، ولا فقهيّ فلو كان يقول بالعدل والتوحيد، ويكافح الجبر والتشبيه،
فلاَجل أنّه ورثهما عن أبيه وجده عن علي _ عليهم السلام _ وإن كان يفتي في مورد
أو موارد فقد كان يصدر عن الحديث الذي يرويه عن الرسول الاَعظم عن طريق
آبائه الطاهرين وهذا المقدار من الموَهلات لا يصيّر الاِنسان، من أصحاب المناهج
في علمي الكلام والفقه.
نعم جاء بعد زيد، مفكرون وعاة، وهم بين دعاة للمذهب، أو بناة للدولة في
اليمن وطبرستان، فساهموا في إرساء مذهب باسم المذهب الزيديّ، متفتحين في
الاَُصول والعقائد مع المعتزلة، وفي الفقه وكيفية الاستنباط مع الحنفية، ولكن
الصلة بين ما كان عليه زيد الشهيد في الاَُصول والفروع وما أرسوه هوَلاء في
مجالي العقيدة والشريعة منقطعة إلاّ في القليل منهما.
أين زيد ربيب البيت العلويّ، من القول بالاَُصول الخمسة التي تبناها واصل
بن عطاء وعمرو بن عبيد، ومن جاء بعدهما من أعلام المعتزلة، حتى صارت
مندسّة في مذهب الزيدية، بلا زيادة ونقيصة إلى يومنا هذا؟
أين زيد الذي انتهل من المعين العذب العلويّ الذي رفض العمل بالقياس
والاستحسان، من القول بأنّهما من مصادر التشريع الاِسلامي كما عليه المذهب