الخامس: المحاربة بين الطائفتين من الشيعة:
إنّ الزيدية والاِسماعيلية، من الفرق الشيعية، وبينهما موَتلفات ومفترقات،
وقد اتفقت الطائفتان، على أنّ تحقيق القيادة الاِسلامية بعد رحيل النبي الاَعظم
_ صلى الله عليه وآله وسلم _ ليس بالبيعة والاختيار، ولا للاَُمة فيها حظّ، ولا نصيب
شأن كلّ مورد سبقت مشيئته على إرادة الاَُمّة ومشيئتها، قال سبحانه: "وَما كَانَ
لِمُوَمِنٍ وَلا مُوَمِنَةٍ إذا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أمراً أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ"
(الاَحزاب ـ 36) بل تحقيقها بالنص من الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على
فرد من آحاد الاَُمّة وقد اتفقتا على أنَّ النصّ صدر منه في علي _ عليه السلام _
وابنيه: الحسن والحسين _ عليهما السلام _، غير أنّ الزيدية قالت باستمرارها بعد
الحسين السبط _ عليه السلام _ بالخروج والدعوة وقد تمثلت الضابطة في بادىَ
بدئها بخروج الاِمام زيد، ثم ابنه يحيى وهكذا، لكن الاِسماعيلية قالت باستمرار
النصّ الاِلهي بعد الحسين على إمامة زين العابدين فابنه الاِمام الباقر، فالاِمام
الصادق، وبعده ابنه إسماعيل الذي هو مهدي الاَُمّة عندهم وسيوافيك تفاصيل
عقائدهم في الجزء الثامن المختص بفرق الشيعة الباقية.
وطبيعة الحال كانت تقتضي سيادة الوئام والالتحام بين الفرقتين والتعايش
الهادىَ في البيئات التي تحتضن كلتا الفرقتين، كاليمن الخصيب وجنوب الجزيرة
كحضرموت ونجران ولكن خاب الظنُّ وخسر، لاَنّ تاريخ اليمن تاريخ دمويّ
يحكي عن كون الحرب لم تزل بينهما سجالاً ـ تبيد البلاد والعباد وتهلك الحرث
والنسل ـ قروناً كثيرة.
إنّ أئمة الزيدية وإن خرجوا بالسيف وأعلنوا الجهاد، ولكن لم يكن
جهادهم مع المشركين والكافرين بل كانت مع إخوانهم الاِسماعيلية (القرامطة)
وهذا هو الاِمام الهادي موَسس الدولة الزيدية في اليمن في أواخر القرن الثالث،