أُلّف على ضوء الاجتهاد المطلق، فيستهدي من روايات الصحاح والمسانيد والقواعد الدارجة بين المذاهب الاَربعة التي رفضها أئمة أهل البيت أوّلاً ولم يثبت حجيتها عند الاِمام زيد ثانياً. يقول أبو زهرة: « ويجب أن يعلم أنّ الفقه الزيدي ليس كله فقه الاِمام زيد، بل هو فقه طائفة كبيرة من آل البيت كالهادي والناصر وغيرهم ممن جاءوا بعده وخصوصاً أنّ باب الاجتهاد فيه كان مفتوحاً لم يغلق (1). ويقول في موضع آخر في سبب انتشار المذهب الزيدي وأنّ من أسبابه: «فتح باب الاختيار من المذاهب الاَُخرى فقد صار هذا المذهب بهذا الاختيار حديقة غنّاء تلتقي فيها أشكال الفقه الاِسلامي المختلفة، وأغراسه المتبائنة وجناه المختلف الاَلوان والطعوم، وإن كان ذلك نتيجة لفتح باب الاجتهاد فيه، فقد اختاروا باجتهادهم من المذاهب الاَُخرى ما يتفق مع منطق المذهب أو أُصوله، وأُصوله متحدة أو على الاَقل متقاربة مع جملة الاَُصول التي قررها فقهاء المسلمين» (2) . والحقيقة هي: أنّ المذهب الفقهي المعروف بالمذهب الزيدي في اليمن، نسبةً إلى الاِمام زيد أو المذهب الهادوي كما يروق للبعض اليوم أن يسميه وينسبه إلى الاِمام الهادي يحيى بن الحسين ولا فارق بين الاِمامين إلاّ في مسائل يسيرة جداً، نتيجة الاجتهاد المفتوح بابه في المذهب الزيدي حتى اليوم وإلى الاَبد إن شاء اللّه ـ هذا المذهب لم يكن مذهب إمام معين، ولكنّه خلاصة أبحاث عميقة، ودراسات واسعة مختلفة في كل مجالات الفقه الاِسلامي العظيم، وجهود مضنية استمرت في البحث والتنقيب والتصفية أكثر من سبعة قرون، وقام بتلك الاَبحاث
(1) أبو زهرة: الاِمام زيد: 331. (2) أبو زهرة: الاِمام زيد: 488.