مصادر الفقه الإسلامی و منابعه

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 457/ 107
نمايش فراداده

يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الكِتابَ وَالْحِكْمَةَوَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً" . (1)

وقد ذكر المفسّرون أسباب نزول متعدّدة لهذه الآية تجمعها أنّها رفعت إلى النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - واقعة كان الحق فيها غير واضح، فأراه اللّه سبحانه حقيقة الواقع الذي تخاصم فيها المتحاكمان وعلّله بقوله: "وَلَولا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ" .

ففضل اللّه ورحمته صدّاه عن الحكم بالباطل، وهل كان فضله سبحانه ورحمته مختصين بهذه الواقعة، أو انّهما خيّما عليه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - طيلة عمره الشريف؟ مقتضى قوله سبحانه في ذيل الآية: "وَ كانَفَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) هو انّه حظي بهما طيلة عمره الشريف. فهو في كلّ الحوادث والوقائع يحكم بمرّالحق و نفس الواقع موَيداً من قبل اللّه، ومن اختص بهذه المنزلة الكبيرة فقد استغنى عن الاجتهاد المصيب تارة والمخطىَ أُخرى.

ب. انّه سبحانه يخاطب النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - بقوله: "ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الاََمْرِفَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الّذينَ لا يَعْلَمُون" . (2)

والشريعة هي طريق ورود الماء، والاَمر أمر الدين و معنى الآية انّه تبارك وتعالى أورد النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - على طريق موصل للشريعة قطعاً، ومن حظى بتلك المنزلة، فما يصدر عنه إنّما يصدر عن واقع الدين لا عن الدين المظنون الذي يخطىَ ويصيب، وليست تلك الخصيصة من خصائصه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - فقط بل قد حظي بها معظم الاَنبياء، قال سبحانه: "لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً" . (3)

1. النساء: 113.

2. الجاثية: 18.

3 . المائدة: 48.