سیرة الأئمة علیهم السلام

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 619/ 123
نمايش فراداده

وتفسير وتأويل آيات القرآن بما يخدم مصالحه، وأسبغ صفة الشرعية على حكمه من ناحية ثالثة.

وقد تركت هذه السياسة الغير إسلامية وما قام به من إشاعة وتأسيس الفرق الباطلة كالجبرية والمرجئة ـ و هما مذهبان يتماشيان مع سياسته من ناحية العقيدة ـ آثاراً سيئة مدمرة في المجتمع وفرضت عليه سكوتاً مريراً مفعماً بالإذلال، ولقد كانت هذه السياسة خليقة بأن تحول الإنسان المسلم من إنسان يفهم انّالدين لا يجعل من المؤمنين عبيداً لطاغية يحكمهم باسم الدين إلى إنسان يؤيد الطغاة الحاكمين وجعلته يتحول إلى إنسان جبان خانع مراء خلافاً لمنطق القرآن والتعاليم النبوية.

وتاريخ هذه الفترةمن حياة المسلمين حافل بالشواهد على أنّ هذا التحوّل كان قد بدأ يظهر للعيان ويطبع المجتمع الإسلامي بطابعه، ويمكننا أن نخرج بفكرة واضحة عن أثر هذه السياسة في المجتمع الإسلامي حين نقارن بين ردّ الفعل الذي واجه به المسلمون سياسة عثمان وعماله و بين موقفهم من سياسة معاوية، فقد كان رد الفعل لسياسة عثمان وعماله ثورة عارمة من معظم أقطار الأُمّة الإسلامية من المدينة ومكة والكوفة والبصرة ومصر وغيرها من حواضر المسلمين وبواديهم، فهل نجد ردّ فعل جماعياً كهذا لتحديات معاوية في سياسته اللا إنسانية للجماهير المسلمة مع ملاحظة انّ الظلم على عهد معاوية أفدح، والاضطهاد والقتل والإرهاب أعمّ وأشمل، وحرمان الأُمّة من حقوقها وثرواتها وانتاجها أظهر؟! غير انّنا لم نر شيئاً من ذلك أبداً ، فقد كانت الجماهير خاضعة خضوعاً أعمى.

نعم كانت ثمّة احتجاجات تنبعث من هنا تارة و من هناك أُخرى تدلّ على أنّ المجتمع يتململ تحت وطأة الاضطهاد والظلم، كتلك التي عبر عنها