وفي سورة النحل توجد سلسلة من الآيات التيتشير هي أيضاً إلى جوانب من النظام الكونيالعجيب البديع وكيفية انتفاع البشر بها،وتبدأ هذه الآيات بقوله: (هُوَ الَّذِي):
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِمَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُشَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ *يُنْبِتُلَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَوَالنَّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِنْ كُلِّالثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذِلَكَ لآيَةًلِقَوم يَتَفَكّرونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُاللّيلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَوالنجومُ مُسَخَّراتٌ بأمرِهِ إنَّ فيذلك لآيات لقوم يَعْقِلُونَ * وَمَاذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرْضِ مُخْتَلِفاًأَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةًلِقَوْم يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِيسَخَّرَ الْبَحَرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُلَحْماً طَريّاً وَ تَسْتَخْرجُوا مِنْهُحِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَىالْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِوَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِوَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَىفِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَبِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاًلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعلامَاتوَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).(1)
ثم يستنتج القرآن من كل ذلك بقوله:(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُأَفَلاَ تَذَكَّرُونَ)(2)، إنّ هذه الآيةالأخيرة تكشف عن أنّ الهدف من تلك الآياتهو الدعوة إلى التوحيد «العبادي»، ولأجلذلك صدرت الآية الحاضرة بفاء النتيجة،لأنّ بعض مشركي العرب رغم علمهم بأنّاللّه هو الخالق والمدبّر للكون، كانوايعبدون آلهة مدّعاة مصطنعة، ولذلك يعنيالتذكير بمظاهر القدرة الإلهية في عالمالطبيعة، إيقاظ ضمائرهم الغافلة، وإثارةعقولهم الغافية، كيما يتذكروا أنّالعبادة لا تصح إلاّ للّه سبحانه دونسواه، وأنّ ما يعبدون من دونه عاجزونضعفاء لا
1. النحل: 10 ـ 16. 2. النحل: 17.