مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 1 -صفحه : 664/ 358
نمايش فراداده

في شأنه هذا «أصغر» وهذا «أكبر» أو هذا«صغير» وذاك «كبير»، فإنّ الصغر والكبروصفان لا يصدقان على شيء إلاّ بعد مقارنتهبشيء آخر،فالكرة الأرضية ـ مثلاً ـ إنّمايمكن وصفها بالصغر والكبر ويقال الكرةالأرضية «صغيرة» أو «كبيرة» إذا ما قيستبكرة الشمس والقمر فحينئذ يصح قولنا:الكرة الأرضية أصغر من الشمس وأكبر منالقمر،فالصغر والكبر ليسا وصفين حقيقيينبالنسبة إلى الأرض بحيث يدخلان في حقيقةالأرض وإلاّ لما أمكن وصفها بوصفينمتضادين، بل هما وصفان نسبيان وحالتانللأرض يعرضان لها كلّما قيست إلى الكرتين«الشمس و القمر» ويمكن وصف الأرض بهما فيتلك الحالة، وبذلك لا يكون هذان الوصفانحقيقيين.

من هذه المقارنة والبيان يمكن استنباطنتيجة فلسفية هامة، وهي: انّ «الصفاتالحقيقية» على غرار موصوفاتها التي تتمتعبواقعية لا تنكر على صعيد الخارج، إنّماتحتاج إلى جاعل وخالق.

وأمّا الصفات النسبية حيث إنّـها ليستبذات واقعية خارجية، بل هي وليدة الذهن،ونتيجة أفكارنا لدى المقايسة لا تكونمحتاجة إلى الخالق والموجد، إذ لا واقعيةخارجية لها حتى تكون محتاجة إلى موجد.

إنّ حياة الخلية أو وصف المتر بكونه مائةسنتيمتر من الأُمور التي تتمتع بالواقعيةالخارجية، فما لم يكن وراؤهما واقعيةأُخرى (ونعني الخالق)، لما تحقّقا على صعيدالخارج، ولما كان لهما حظ من الوجود خارجعالم الذهن حسب قانون العلية.

ولكن الصغر والكبر في المقابل بالنسبةإلى الأرض ليسا لهما واقعية خارج الذهنلكي يحتاجان إلى الخالق والموجد.