الدين الإلهي) بكونه فطرياً جبلياً.(1)
ويشهد الواقع على ذلك إذ نرى أنّ كلالتعاليم الّتي جاء بها الدين من عقيدةوعمل، تنطبق على مجموع الاحتياجاتالفطرية سواء بسواء.(2)
والإمعان في الآية المذكورة يفيدنا أنّالدين عجن بفطرة البشر عجناً، فإذا هومنها وإذا هي منه، وجزء من كيانه.
وحقيقة الدين ليست سوى الطريق الأفضلالذي يجب أن تسلكه البشرية للوصول إلىالسعادة.
وبتعبير آخر: انّ الهدف والغاية من خلقالبشر ليس إلاّ الحصول على السعادةوالكمال، وقد هدى اللّه تعالى كل فرد منأفراد البشر بل وكل نوع من أنواع مخلوقاتهإلى ذلك إذ جهزه بما يوصله إلى شواطئالسعادة المنشودة والكمال المطلوب بوسيلةمناسبة.
وقد أشار الكتاب العزيز بصراحة إلى هذه«الهداية التكوينية» العامة والتي لاتقتصر على بني آدم بل تشمل كل الكائنات علىالإطلاق.
1. الاستدلال بالآية في المقام موقوف علىكون الدين بمعنى مجموع العقيدة والشريعةلا بمعنى الطاعة كما هو الظاهر من قولهتعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّلِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُالدِّينَ)(البينة: 5) أي مخلصين له الطاعة. فإنّ الدين في تلك الآية وأضرابها بمعنىالطاعة. فلو قلنا بكون الدين في هذه الآية بمعنىالطاعة، لصارت من شواهد التوحيد فيالطاعة. غير أنّ مشاهير المفسرين قد فسروا الدينفي الآية المبحوثة هنا بمجموع العقيدةوالشريعة، وجعلوا العقائد الإسلاميةوأُصول الشريعة وكليّاتها (لا جزئياتهاوتفاصيلها) من الأُمور الفطرية. 2. هذا بالإضافة إلى أنّنا نجد أغلبيةالناس يميلون إليها طوعاً ورغبة إذا عرضتعليهم على النحو الصحيح، وإذا هم تجرّدواعن العصبية ـ الهادي ـ.