مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 2 -صفحه : 624/ 204
نمايش فراداده

«204»

مسؤولية الحفاط على النظام الاجتماعيّالذي يدعو إليه العقل ويطلبه العقلاء،وينادونبه.

والحقّ أنّ مجرّد الاعتقاد بضرورة حفظالنظام الاجتماعيّ وبحجّة أنّه يكفلسعادة الفرد والمجتمع; من دون إقامة (دولة);لا يمنع من وقوع الاختلال في هذا النظام،ولذلك فإنّ العقل نفسه يحتِّم على البشرأن يقيم جهازاً يعهد إليه حفظ النظام،ولأجل ذلك لم يخل ـ كما قلنا ـ أيّ مجتمعبشريّ من دولة أو دويلة وزعيم كبير أو صغيريتكفّل إقرار النظام الاجتماعيّ المطلوب.

وهذا خير دليل على; أنّ للشعوب بل عليها أنتقوم بتشكيل السلطات.. فهي إذن مصدرها;وهذا هو بالضبط ما يؤكّده الإسلامويؤيّده، إذ الشرع كما يقولون يعضد العقلويؤيّده فيما تكون فيه مصلحة الناسومنفعتهم وخيرهم.

6ـ سيرة المسلمين بعد النبيّ صلّى اللهعليه وآله وسلّم

إنّ الصحابة ـ بعد وفاة النبيّ صلّى اللهعليه وآله وسلّم ـ أحسّوا بضرورة إقامةدولة وتشكيل جهاز حكوميّ يخلف القيادةالنبويّة، يلمّون به شعثهم ويحفظون بهاجتماعهم، فأقدموا على انتخاب رئيس منبينهم لزعامة الاُمّة وقيادة البلاد، وإنكان ذلك لا يخلو من علّة وعلاّت، كماأوضحناه.

إنّ الصحابة ـ وإن تناسوا وجود إمام منصوصعليه من جانب النبيّ صلّى الله عليه وآلهوسلّم حيث كان النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم قد عيّن عليّاً (عليه السلام) إماماًللمسلمين من بعده، كما تدلّ الأخبارالقطعيّة والأحاديث المتواترة (1) على ذلكـ إلاّ أنّ فعلهم كان يدلّ في حدّ نفسه علىأنّ الطريق الطبيعيّ لتأسيس الحكومةوإقامتها; هو انتخاب الاُمّة للحاكموالقائد، لولا النصّ.

1- لقد أشرنا إلى بعض مصادر هذه النصوص في104ـ181 من هذا الكتاب وتركنا الكثير.