والاِرشاد حيث قال: (وَقَاسَمَهُمَاإِنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ). (1)وهذا يكشف عن أنّ خطابه سبحانه إليهما كانبصورة النصح أيضاً، وهذا واضح لمن له أدنىإلمام بأساليب الكلام.
فهذه القرائن وغيرها الموجودة في الآياتالواردة حول قصة آدم (عليه السلام) تدلبوضوح على أنّ النهي في هذا المقام كاننهياً إرشادياً لا مولوياً، وكان الهدفتبقية آدم (عليه السلام) بعيداً عن عواملالشقاء والتعب، ولكنّه لم يسمع قول ناصحهفعرّض نفسه للشقاء، وصار مستحقاً لاَنيخاطب بقوله سبحانه: (قَالَ اهْبِطُوابَعْضُكُمْ لِبَعضٍ عدُوّ وَلَكُمْ فِيالاََرْضِ مُسْتَقَرّ وَمَتاعٌ إِلَىحِين) (2) وقوله سبحانه: (قال اهْبِطَامِنْهَا جَميعَاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍعَدوّ) (3).
أضف إلى ذلك أنّ الظرف الذي تلقّى فيه آدمهذا النهي، (النهي عن الاَكل من الشجرة) لميكن ظرف تكليف حتى تعد مخالفته عصياناًلمقتضاه، فإنّ ظرف التكليف هو المحيط الذيهبط إليه مع زوجته بعد رفض النصح، أمّا ذلكالمحيط فكان معداً لتبصير الاِنسانبأعدائه وأصدقائه، ودورة تعليمية لمشاهدةنتائج الطاعة وآثار المخالفة، أىّ مايترتب على قبول قوله سبحانه من السعادة،وما يترتب على قبول قول إبليس من الشقاء،وفي مثل ذلك المحيط لا يعد النهي ولاالاَمر تكليفاً، بل يُعد وسيلة للتبصيروتحصيل الاستعداد لتحمّل التكاليف فيالمستقبل، وكانت تلك الدورة من الحياةدورة إعدادية لاَبي البشر وأُمّهم، حتىيلمس الحقائق لمس اليد.
1. الاَعراف: 21. 2. الاَعراف: 24. 3. طه: 123.