ويستحلّونها في محرّم فيمكثون على ذلكزماناً ثمّ يزول التحريم عن صفر ويعود إلىمحرّم، وهذا هو المعنى بالنسي (أيالتأخير).
وكان الدافع وراء هذا النسي هو انّهمأصحاب حروب وغارات، فكان يشقّ عليهم أنيمتنعوا عن القتال ثلاثة أشهر متواليةوهي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرّم، ولايغزون فيها، ولهذا كانوا يؤخّرون تحريمالحرب في محرّم إلى شهر صفر، قال سبحانه:
(اِنّما النَّسِيءُ زيَادَةٌ في الكُفْرِيُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوايُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحرِّمُونَهُعَاماً لِيُوَاطِئُو عِدَّةَ مَا حَرَّمَاللّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللّهُزُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أعْمَالِهِمْوَاللّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَالكَافِرِينَ) (التوبة/37).
«ألا وإنّ الزمان قد استدار كهيئته يومخلق اللّه السماوات والأرض، السنة اثناعشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متواليات،ذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم ورجب مضربينجمادى وشعبان»(1).
والحديث يعرب عن شكل آخر للنسي غير ماذكرناه فإنّ ما ذكرناه كان مختصاً بتأخيرحكم الحرب من محرّم إلى صفر، ولكن النسيالمستفاد من الحديث على وجه آخر وهو انّالمشركين كانوا يحجّون في كل شهر عامينفحجّوا في ذي الحجة عامين، وحجّوا فيمحرّم عامين، ثمّ حجوا في صفر عامين، وكذافي بقيّة الشهور اللاحقة حتّى إذا وافقتالحجّ التي قبل حجّة الوداع في ذي القعدةثمّ حجّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)في العام القادم حجّة الوداع، فوافقت فيذي الحجة، فعند ذلك قال النبي (صلّى اللهعليه وآله وسلّم): «ألا إنّ الزمانقداستدار كهيئته».
1. مجمع البيان ج3 ص22.