نعم هناك آية اُخرى ربّما تفع ذريعة لمنيريد الخدعة وتحريف الفكرة الصحيحة، وهيقوله سبحانه: (لِتُنْذِرَ اُمَّ القُرىَوَمَنْ حَوْلَهَا) ولكن الآية واضحة ببركةالآية المتقدّمة عليها، وذلك لأنّ المرادباُمّ القرى هي مكّة كما أنّ المراد بـ «منحولها» العالم كلّه فمكّة اُمّ القرى وقلبالعالم التوحيدي فإذا أنذر مكّة وأنذرماحولها فقد أنذر جميع العالم.
فهذه الآيات ونظائرها أوضح دليل علىعالميّة رسالته وانّها تشمل جميع أبناءالبشر، كيف والنبي الأكرم حسب قولهسبحانه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِىاُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدىًلِلنَّاسِ وَبيِّنَات مِنَ الهُدَىوَالفُرْقَانِ) (البقرة/185). يهدي كل الناسببركة القرآن، أفبعد هذه التصاريحالقاطعة يمكن احتمال إختصاص رسالة النبيالأكرم بقوم دون قوم؟
وهذه الآيات ونظائرها الكثيرة الواردة فيالقرآن تصرّح بعموميّة رسالته وإطلاقنبوّته.
8ـ تفسير قوله تعالى: (يَااَيُّهَالنَّاسُ اِنَّا خَلَقْنَاكُممِنْ ذَكَر وَاُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمشُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوااِنَّ اَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِاَتْقَاكُمْ) (الحجرات/13).
والآية تشتمل على نكات ستّ نشير إليهابإيجاز.
1ـ إنّ الآية تقسّم الإنسان إلى قسمينالذكر والاُنثى ويستند في التفسير باُمورذاتية داخلة في جوهر ذاته وحقيقة وجودهوهي الذكورية والاُنوثية ولا يعتنيبالاُمور الطارئة عليه حسب ظروفه وشرائطحياته.
2ـ تعترف بالشعوب والقبائل وتصرّح بأنّهناك قوميّات ولا تنفيها أبداً.
3ـ تصرّح بأنّ اختلاف البشر من جهة الشعوبوالقبائل كاختلافهم من حيث الذكورةوالاُنوثة وإنّ كلا الاختلافين داخلان فيجوهر وجوده وواقع شخصيّته.
4ـ يسند تكوّن الاختلاف في كلتا الجهتينإلى نفسه(اِنَّا خَلَقْنَاكُم...وَجَعَلْنَاكُم).