وجیز فی الفقه الاسلامی: فقه الخلل واحکام سائر الصلوات

سید محمد تقی المدرسی

نسخه متنی -صفحه : 12/ 8
نمايش فراداده

ولا يلزم الفحص والتفتيش لمعرفة ذلك بل يكفي حسن الظاهر الذي يكشف ولو ظناً عن العدالة.

9- يكفي في إثبات عدالة الامام (الذي لا يعرفه المصلي شخصياً) كل ما يحصل منه الاطمئنان والوثوق مثل: شهادة عادلين، أو حتى عادل واحد، وإخبار جماعة واقتداء عادلين أو من يورث الاطمئنان به، واقتداء جماعة من المؤمنين به مما يورث الطمأنينة.

10- لو علم المأموم قبل الاشتغال بالصلاة أن صلاة الامام باطلة لسبب من الأسباب ( كما لو علم أن الامام على غير طهارة ، أو تاركاً لركن من أركان الصلاة) لا يجوز له الاقتداء به.

11- وإذا اكتشف المأموم بعد الصلاة أن امام الجماعة يفقد شرطاً من شروط الجماعة (ككونه فاسقاً، او غير متطهر أو تاركاً لركن من أركان الصلاة مع عدم ترك المأموم له، أو ما شاكل ذلك) كانت صلاة المأموم صحيحة.

أما لو اكتشف ذلك أثناء الصلاة كان عليه الانفراد بالصلاة، ووجب عليه قراءة الفاتحة والسورة اذا كان في محلها.

سنن الجماعة

السنة الشريفة:

1- قـال الامام الباقر عليه السلام: "ليكن الذين يلون الامام منكم أولوا الأحلام منكم والنُهى، فإن نسي الامام أو تعايا قوّموه..". ([264])

2- وجاء في تكملة نفس الحديث: "... أفضل الصفوف أولها، وافضل أولها مادنا من الامام". ([265])

3- وجاء في حديث آخر: "فضل ميامن الصفوف على مياسرها، كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد". ([266])

4- وروي عن الامام علي عليه السلام: " المرأة خلف الرجل صف، ولا يكون الرجل خلف الرجل صفاً ، إنما يكون الرجل الى جنب الرجل عن يمينه". ([267])

5- وقال عليه السلام: "الرجلان صف، فإذا كانوا ثلاثة تقدم الامام". ([268])

6- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: "سوّوا بين صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان". ([269])

7- وروي عن جميل بن صالح أنه سأل الامام الصادق عليه السلام: أيهما أفضل؛ يصلي الرجل نفسه في أول الوقت أو يؤخرها قليلاً ويصلي بأهل مسجده إذا كان امامهم؟ قال: "يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان الامام". ([270])

8- وقال رجل للامام الصادق عليه السلام: أُصلي في أهلي ثم أخرج الى المسجد فيقدّموني، فقال:" تقدّم، لا عليك وصلِّ بهم". ([271])

9- وسُئل أيضاً عن الرجـل يصلي الفريضـة، ثم يجد قوماً يصلون جماعـة، ايجوز له ان يعيد الصلاة معهم؟ فقال الامام عليه السلام: "نعم، أفضـل..". ([272])

10- وروي عن جابر الجعفي انه قال : قلت لابي جعفر عليه السلام إني أؤم قوماً فأركع، فيدخل الناس وأنا راكع، فكم انتظر؟ فقال: "ما أعجب ما تسأل عنه ياجابر، إنتظر مثلي ركوعك، فان انقطعوا والا فارفع رأسك". ([273])

11- وقال الامام الصادق عليه السلام : "ينبغي للامام ان يُسمع من خلفه كل ما يقول، ولا ينبغي من خلفه ان يسمعوا شيئاً مما يقول". ([274])

12- وروي عن الامام امير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال: "يا علي إذا صليت فصلِّ صلاة أضعف مَنْ خلفك، ولا تتخذن مؤذناً يأخذ على أذانه أجراً". ([275])

تفصيل القول:

أولاً: سنن الموقف والصفوف

1- يستحب أن يقف المأموم (إن كان رجلاً واحداً) عن يمين الامام.

2- وإن كانوا أكثر فيقفون خلف الامام في صف واحد أو صفوف متعددة.

3- وإن كانت امرأة واحدة، وقفت الى يمين الامام متأخرة عنه قليلاً، بحيث يكون موضع سجودها محاذياً لموضع ركبة الامام أو قدمه.

4- ولو كنَّ أكثر من واحدة وقفن جميعاً خلفه.

5- ولو كان رجلاً واحداً وامرأة واحدة أو عدداً من النساء، وقف الرجل الى يمين الامام ووقفت المرأة أو النساء خلفه.

6- وإن كانوا رجالاً ونساءً إصطف الرجال خلف الامام، والنساء خلف الرجال، والاحوط مراعاة هذه الأمور.

7- هذا كله فيما إذا كان الامام رجلاً ، أما لو كان الامام إمرأة لجماعة النساء فالأولى أن يقف الجميع إماماً ومأمومات في صف واحد.

8- ويستحب أن يقف الامام وسط الصف.

9- وأن يقدم المأمومون أفضلهم ممن يمتازون على الآخرين في العلم والعقل والورع والتقوى،للوقوف في الصف الأول.

10- ويستحب الوقوف في ميامن الصفوف فانها أفضل من مياسرها.

11- ويستحب إقامة الصفوف واعتدالها وتقاربها وعدم ترك فاصلة فيما بينها أكثر من مسقط جسد الانسان إذا كان ساجداً ، وسد الفراغات فيها ومحاذاة المناكب.

12- ويكره وقوف المأموم في صف وحده اذا كانت هناك فراغات في الصفوف الأخرى.

ثانياً: سنن الامام

1- يستحب أن يصلي الامام بصلاة أضعف المأمومين ، وذلك بعدم إطالة أفعال الصلاة من الركوع والسجود والقنوت الا إذا كان جميـع المأمومين يرغبون في الإطالة.

2- ويستحب أن يُسمع الامام مَن خلفه من المأمومين القراءة الجهرية والأذكار دون أن يبلغ العلو المفرط في الصوت.

3- ويستحب للامام أن يطيل ركوعه اذا عرف بدخول شخص ضعف ركوعه العادي.

4- ويستحب أن يؤخر الامام صلاته قليلاً بانتظار الجماعة وهو أفضل من الصلاة في أول الوقت منفرداً.

ثالثـاً: سنن المأموم

1- يكره الشروع في النافلة بعد قول المؤذن " قد قامت الصلاة" بل عند البدء بالإقامة.

2- ويكره التكلم بعد قول المؤذن " قد قامت الصلاة".

3- ويستحب قيام المأمومين عند قول المؤذن "قد قامت الصلاة".

4- ويستحب ان يقول : " الحمد لله رب العالمين" بعد فراغ الامام من قراءة الفاتحة.

5- وأن يشتغل بذكر الله والثناء عليه إذا أكمل قراءته قبل ركوع الامام في الحالات التي تجب عليه القراءة.

6- ويكره للمأموم أن يُسمع الامام ما يقوله من القراءة أو التسبيحات أو الاذكار.

7- ويستحب إختيار صلاة الجماعة المخففة على الصلاة المطوّلة بانفراد.

8- اذا صلى الشخص منفرداً ثم وجد جماعة تصلي نفس الصلاة استحب له إعادة الصلاة جماعة - إماماً أو مأموماً-.

صلاة الجمعة

القرآن الكريم:

قال الله سبحانه: « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» (الجمعة/9-11)

يعتبر القرآن، الجمعة عيداً للأُمة، ويؤكّد استقلالها في شعائرها بالإضافة إلى استقلالها في رسالتها عن الأُمم الأخرى، كالنصارى واليهود الذين لهم رسالتهم (التوراة والإنجيل) وعيدهم (السبت والأحد) ([276])، ويعطي القرآن في سورة الجمعة صلاةَ الجمعة ويومَها الموقع والمفهوم الحقيقي في منهج الإسلام، فالجمعة على الصعيد الخارجي رمز الإستقلال، وعلى الصعيد الداخلي رمز الوحدة والإئتلاف.

ومن هذه الحيثيّات وأُخرى غيرها تأتي الدعوة الإلهيّة بالسعي لصلاة الجمعة وترك كلّ ما سواها لهواً أو بيعاً أو ما أشبه من شؤون الدنيا، وهكذا أصبح السعي إلى الجمعة لدى بعض المسلمين (مذاهب وعلماء) أمراً مفروضاً بإجماع الأمة عند توافر شروطها، وجاء في كتاب من لا يحضره الفقيه: "إنّه كان بالمدينة إذا أذّن المؤذّن يوم الجمعة نادى منادٍ حرم البيع، لقول الله: « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» (الجمعة/9) ([277]). وقال الإمام الباقر عليه السلام يصف اهتمام الرعيل الأوّل من المسلمين بالجمعة: "والله لقد بلغني أنّ أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله) كانوا يتجهّزون للجمعة يوم الخميس"([278])، وعن جابر بن عبد الله قال: "أقبل عير (جمال محمّلة) ونحن نصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله فانفضّ الناس إليها فما بقي غير إثني عشر رجلاً أنا فيهم، فنزلت الآية: « وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » (الجمعة/11) ([279])، وقال الحسن أبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام، والنبي صلّى الله عليه وآله يخطب يوم الجمعة، فلمّا رأوه قاموا إليه بالبقيع خشية أنْ يسبقوا إليه، فلم يبقَ مع النبي صلّى الله عليه وآله إلاّ رهط، فنزلت الآية، فقال صلّى اله عليه وآله: "والذي نفسي بيده لو أنّه تتابعتم حتى لا يبقى أحدٌ منكم لسال بكم الوادي ناراً". ([280])

إلاّ أنّ كثيراً من فقهاء الإسلام اعتبروا وجود الحكم الإسلامي والإمام العادل شرطاً لإقامة صلاة الجمعة، ولعلّ ذلك مرتكز على كونها من الشعائر الدينية السياسية التي ينبغي أنْ لا ينتفع منها الظلمة في تضليل الناس وتمكين أنفسهم، فهي من أهم وأبرز المناسبات التي يجتمع فيها المسلمون مما يسمح للطغاة اتخاذها منبراً جماهيرياً لتضليل المجتمع، ونحن نقرأ في التاريخ كيف أصبحت خطبها مركزاً لحرب أولياء الله، كما فعل ذلك الحزب الأموي تجاه الإمام علي وأهل البيت عليهم السلام، كما ترى اليوم كيف حوّل علماء السوء خطبتي الجمعة بوقاً من أبواق الطغاة إلى حدٍّ صاروا يتسلّمون خطبهم من الحكومات نفسها، ويستلمون لذلك الأجر.

وهكذا جاء في الحديث المأثور في كتاب الدعائم عن علي عليه السلام أنّه قال: "لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة إلاّ للإمام أو من يقيمه الإمام". ([281])

وهكذا روى سماعة في موثّقه عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سألتُ أبا عبد الله عن الصلاة يوم الجمعة، فقال: أمّا مع الإمام فركعتان ، وأمّا من يصلي وحده فهي أربع ركعات ، وإنْ صلّوا جماعة". ([282])

وقد نقل العلاّمة الشيخ حسن النجفي إجماع الطائفة على اشتراط الإمام العادل (الحاكم) .

ولكنّ السؤال: هل هذا الإجماع يدل على أنّ شرط وجوب الجمعة وجود إمام عادل أنّى كان، أم إمام معصوم من أهل البيت عليهم السلام خصوصاً؟ يبدو لي أنّ القضية تتصل بموضوع الولاية العامة للفقهاء العدول، فمن رأى أنّهم امتداد لحكم المعصومين عليهم السلام ينوبون عنهم نيابة عامة، وأنّ عليهم تطبيق كلّ واجبات الشريعة من إقامة الحدود، وفرض الجهاد والزكاة، و.و. والظاهر أنّ الجمعة ليست أعظم من إقامة الحدود، والدفاع عن حرمات المسلمين، إعتبر إقامة الجمعة من شؤون وليّ الفقيه الحاكم. أمّا الذين لا يتصورون إقامة حكومة إسلامية في غيبة الإمام المعصوم فإنّهم لا يرون الجمعة فيها أيضاً لأنّهم في الأغلب يشترطون إذن الإمام فيها، ويعتبرونها من شؤونه الخاصة كالحدود والقصاص والجهاد.

ويوم الجمعة، يوم عيد للمسلمين وهو سيّد الأيام، وليلتها ليلة عبادة وتهجّد، ويندب فيها المزيد من الإبتهال إلى الله، والإنشغال بالمستحبات، وزيارة القبور لتذكر الموتى والترحم عليهم والإعتبار بمصيرهم، وبالذات قبور أئمة الهدى عليهم السلام ومرقد سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وتجديد العهد مع الرسول وآل بيته والإمام الحجة عليهم السلام بالإستقامة على خطّ الرسالة.

كما ينبغي صلة الأرحام، والتوجّه إلى المساكين والتزاور مع الإخوان في هذا اليوم الشريف.

كما ينبغي محاسبة الذات لتجديد العزم على متابعة الخطط السليمة ومقاومة الإنحرافات والضلالات.

وعموماً فإنّ يوم الجمعة ليس يوم اللعب واللهو والإنشغال بالتوافه، وإنّما هي فرصة المؤمنين للتفرّغ للعبادة وذكر الله بخير الأعمال يومئذ، حيث صلاة الجمعة المتميّزة بفروضها وخطبتها ومظهرها الإجتماعي.

فكلُّ مؤمن مكلّف بالإمتثال لهذا الأمر الإلهي ما لم يمنعه مانع مشروع عند الله، وحيث يدعو الله للصلاة جمعة كلّ إسبوع فإنّ هذه الفريضة تبقى مقياساً لوحدة الأمة ومصداقية إيمانها بنسبة التفاعل مع هذا التكليف الرباني الحكيم.

وإذ ينادي الوحي المؤمنين بالسعي للفضيلة وذكر الله -سعياً بالروح قبل الجسد- فلابد لنا أنْ نتحرّر من شتى الأصر والقيود التي تثقلنا وتشدّنا إلى الأرض أولاً، أنّى كانت مادية أو معنوية، وهذه الفكرة تفسر لنا العلاقة بين الدعوة للسعي إلى ذكر الله وبين الأمر بترك سائر شؤون الدنيا كالبيع وقت صلاة الجمعة.

ولعلّ الإنسان يتحسس للوهلة الأولى الذي يقع فيها فكره على هذا الحكم الإلهي أنّه يخالف مصالحه، ولكنه إذا مادرسه من أبعاده المختلفة، وارتقى درجةً في الوعي بحقائق الحياة، وجده منطوياً على خير الدنيا والآخرة بالنسبة له، كما وصف القرآن:

« ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»

ومن ذلك الخير وحدة المجتمع المسلم، وما يتلقّاه من الوعي والهدى في شؤون الدين والدنيا، حيث خطبتي الصلاة، وكذلك التوفيقات الإلهية التي يختص بها المصلين المستجيبين لدعوته.

ولأن الاسلام جاء منهجاً كاملاً وشاملاً لأبعاد الحياة الإنسانية، جعله الله متوازناً في أصوله وأحكامه، بحيث لا يتضخم بسببه جانب في حياة الإنسان على حساب جانب آخر، فهو منهج الدنيا والآخرة، والدين والسياسة، والروح والجسد، وحيث تتكامل شخصية الإنسان بالوصول إلى المصالح المشروعة من جانب وبالتزام الواجبات المفروضة من جانب آخر، فقد دعاه الدين إلى مصالحه جنباً إلى جنب دعوته للإلتزام بواجباته، ولم يجعل فروضه بديلاً عمّا يطمح إليه الناس من المصالح والتطلعات، ولذا نجد القرآن فور ما يأمر بالسعي إلى صلاة الجمعة يأمر بالإنتشار لممارسة الحياة الطبيعية وبلوغ المآرب والأهداف، والحصول على الرزق ولقمة العيش. وإنّ الدعوة للصلاة يوم الجمعة وتحريم البيع حينها هي منهجية لتأسيس انتشار الإنسان المؤمن لابتغاء فضل الله على هدى القيم والإيمان:

« فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ»

وهذه الدعوة المنطوية على الأمر بالسعي لشؤون الدنيا تهدينا إلى أنَّ الصلاة والعبادة ليست بديلاً عن ممارسة الحياة الطبيعية والإجتماعية، كما فهمها بعض المتصوّفة، فالدين منهج لتوجيه الإنسان وقيادة الحياة، يجد الناس فيه فرصة للعبادة ومنهجاً للسعي والعمل.

وبعد أنْ يرسم الوحي للمؤمنين الموقف المطلوب تجاه صلاة الجمعة -وهو السعي لذكر الله وترك البيع وقتها- ينثني السياق القرآني لنقد ظاهرة الإنفضاض إلى شؤون الدنيا وتقديمها على الصلاة، ممّا يشير إلى وجود ضعف في الإيمان لدى المجتمع، وانخفاض في مستوى التفاعل مع شعائر الدين وبرامجه:

« وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً»

خوف أنْ يفوتهم ذلك أو يسبقهم الآخرون إليه، وهذه الظاهرة تنطوي على هزيمة أمام جموح النفس وميلها العظيم للدنيا، ممّا يكشف عن ضعف الإيمان الذي يريده الإسلام مقدّماً وما يتصل به على كلّ شيء في حياة أبنائه.

ويعالج القرآن هذه الظاهرة السلبية التي تتمّ عن ترجيح التجارة واللهو على حضور الصلاة ببيان أنّ ما عند الله الذي يتأتّى بالتزام مناهجه خير من ذلك كلّه.

وتفضح الآية ذلك الاعتقاد بالتناقض بين الإلتزام بالدين وبين الدنيا، والذي يقع فيه البعض عمليّاً فلا يرون إمكانية الجمع بين الإثنين فيرجّحون الدنيا باعتبارها الأجر المقبوض على الآخرة المؤجّلة. والحقيقة أنّ خير الإلتزام بمناهج الله في الحياة ليس مقتصراً على الآخرة فقط، بل يشمل الدنيا أيضاً. ([283])

السنة الشريفة :

1- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "من أتى الجمعة إيماناً واحتساباً إستأنف العمل". ([284])

2- وقال الامام الباقر عليه السلام: "صلاة الجمعة فريضة ، والاجتماع إليها فريضة مع الامام، فإن ترك رجل من غير علّة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علّة إلا منافق". ([285])

3- وجاء عن الامام الصادق عليه السلام: "ما من قدم سعت إلى الجمعة إلا حرَّم الله جسدها على النار". ([286])

4- جاء إعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُقال له (قليب) فقال: يا رسول الله إني تهيأت الى الحج كذا وكذا مرة فما قُدِّر لي، فقال النبي: "يا قليب! . عليك بالجمعة ، فإنها حج المساكين". ([287])

5- وقال النبي صلى الله عليه وآله: "إن الله كتب عليكم الجمعة فريضة واجبة إلى يوم القيامة". ([288])

6- وجاء في إحدى خطب الامام أمير المؤمنين عليه السلام: "... والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك ومن كان على رأس فرسخين". ([289])

7- وقال الامام علي عليه السلام ايضاً: " إذا شهدت المرأة والعبد الجمعة أجزأت عنهما من صلاة الظهر". ([290])

8- وروى زرارة أنه قال لأبي جعفر عليه السلام على مَن تجب الجمعة؟ فقال: "تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمَّهم بعضهم وخطبهم". ([291])

9- قال محمد بن مسلم: سألته (اي الامام عليه السلام) عن الجمعة، فقال: "بأذان وإقامة ، يخرج الامام بعد الاذان فيصعد المنبر فيخطب ، ولا يصلي الناس مادام الامام على المنبر، ثم يقعد الامام على المنبر قدر ما يقرأ قل هو الله احد، ثم يقوم فيفتتح خطبةً، ثم ينزل فيصلّي بالناس فيقرأ بهم في الركعة الأولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين". ([292])

10- وجاء في الحديث : "... وعلى الامام فيها قنوتان: قنوت في الركعـة الأولى قبل الركوع، وفي الثانية بعد الركوع". ([293])

11- وقال الامام الباقر عليه السلام: "أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس الى أن تمضي ساعة، فحافظ عليها ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "لا يسأل الله عبدٌ فيها خيراً إلا اعطاه". ([294])

12- وقال الامام امير المؤمنين عليه السلام: "لا كلام والامام يخطب، ولا إلتفات إلا كما يحلّ في الصلاة ، وإنما جُعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين.. جُعلتا مكان الركعتين الأخيرتين، فهما صلاة حتى ينزل الامـام". ([295])

13- وروى أبو مريم: سألت أبا جعفر عليه السلام عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبلَ الصلاة أو بعدها؟ قال: "قبل الصلاة، ثم يصلي". ([296])

14- وقال الامام الصادق عليه السلام - في حديث - : "وليقعد قعدةً بين الخطبتين". ([297])

15- وروى أبو بصير أنه سأل عن الجمعة كيف يخطب الامام؟ قال: "يخطب قائماً، إن الله يقول: وتركوك قائماً ..". ([298])

16- وقال الامام الصادق عليه السلام: "ليس في السفر جمعة، ولا فطر، ولا أضحى". ([299])

17- وقال عليه السلام: "يخطب -يعني إمام الجمعة- وهو قائم، ويحمد الله ويثني عليه ، ثم يوصي بتقوى الله، ثم يقرأ سورة من القرآن صغيرة ثم يجلس، ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإذا فرغ من هذا أقام المؤذن فصلّى بالناس ركعتين يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة المنافقين". ([300])

18- وقال عليه السلام ايضاً: "ينبغي للامام الذي يخطب بالناس يوم الجمعة أن يلبس عمامة في الشتاء والصيف، ويتردّى ببرد يمنية أو عدني..". ([301])

19- وجاء في حديث آخر" .. ويتوكأ على قوس أو عصا..". ([302])

20- وقال الامام الصادق عليه السلام: "إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة، وإن فاتته فليصل أربعاً".([303])

21- وقال الامام علي عليه السلام: "من السنّة إذا صعد الامام المنبر أن يُسَلِّم إذا استقبل الناس.". ([304])

22- وجاء في حديث آخر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خرج الى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون". ([305])

تفصيل القول :

1- تقوم صلاة الجمعة مقام صلاة الظهر من هذا اليوم، فمن صلاها في وقتها سقطت عنه الظهر.

2- وهي ركعتان كصلاة الصبح، والاحوط الجهر فيها مع وجود الامام العادل والخطبة.

3- وإلقاء الخطبتين قبل الصلاة جزء منها.

4- ويجوز قراءة أيَّة سورة في الركعتين إضافة الى الفاتحة، إلا ان المستحب قراءة سورة (الجمعة) في الركعة الأولى، وسورة (المنافقون) في الركعة الثانية.

5- كما يستحب فيها قنوتان: أحدهما قبل الركوع في الركعة الأولى، والآخر بعد الركوع في الركعة الثانية.

6- ويبدء وقت الجمعة بزوال الشمس - كصلاة الظهر- وينتهي على الاحوط، إذا صار ظل كل شيء مثله.

7- وبانتهاء الوقت تفوت الجمعة على الاحوط، فلا يكفي الاتيان بها خارج الوقت، ولا قضاء لها، بل يجب الاتيان بالظهر حينئذ ، والاحوط تأخيره حتى يتأكد من انتهاء وقت الجمعة.

8- ولو انتهى الوقت وهو في الصلاة، أتمها وصحت منه، إماماً كان أو مأموماً.

9- من وجبت عليه الجمعة ، وجب عليه السعي اليها، وعدم الاكتفاء بالظهر، إلا إذا خرج الوقت ولم يدرك الجمعة.

شروط الجمعة:

تؤدى صلاة الجمعة بدلاً عن الظهر وجوباً بالشروط التالية:

أولا: وجود الامام او المنصوب من قبله. ([306])

ثانياً: إكتمال العدد، وهو على الاقل خمسة أفراد أحدهم الامام.

ثالثاً: إلقاء خطبتين قبل الصلاة.

رابعاً: إقامتها جماعة، فلا تصح فرادى.

خامساً: أن لا تقل المسافة بين صلاة جمعةٍ وأُخرى عن فرسخ واحد (حوالي خمسة آلاف وسبعمائة متر).

الخطبتان:

1- ينبغي -على الاحوط- أن تحتوي كل واحدة من الخطبتين على الحمد لله ، والصلاة على النبي محمد وآله (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين) وإلقاء المواعظ، ودعوة الناس إلى التقوى ، وقراءة سورة خفيفة.

2- الأحوط، في غير النصوص العربية، أن تكون الخطبتان بلغة المصلين.

3- يجب إلقاؤهما قبل الصلاة وليس بعدها.

4- يجب أن يكون الخطيب قائماً حين إلقاء الخطبة مع القدرة على ذلك.

5- يجب الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة.

6- يجب إلقاء الخطبتين بصـوت مرتفع بحيث يسمعه - على الأقل- العـدد المعتبر، وهو أربعة مأمومين، بل ينبغي إسماع المصلين جميعاً، ولو بالاستعانة بمكبرات الصوت.

7- الأحوط استحباباً الطمأنينة أثناء القائهما، وأن يكون الخطيب على طهارة شرعية.

8- ويجب إحتياطاً على المأمومين الانصات والاستماع الى الخطبة، أما التوجه إليه فهو الأفضل.

9- يجوز إلقاء الخطبة الأولى قبل الزوال، شرط ألا تستمر الى حين الزوال، ثم تشتمل بعده على واجبات الخطبة المذكورة في البند الأول.

10- الأحوط أن يكون الخطيب والامام واحداً مع الإمكان.

11- وينبغي أن يكون الخطيب فصيحاً بليغاً واعياً لمتطلبات العصر ومصالح المسلمين، عاملاً بما يعظ الناس لتكون مواعظه أبلغ تأثيراً في النفوس.

كما ينبغي على الخطيب أن يتعرض في الخطبتين لقضايا المسلمين الاجتماعية والسياسية ويعالج مشاكلهم المادية والمعنوية، ويرشدهم للتمسك بالعلاقات الايمانية.

12- ويستحب للخطيب أن يرتدي العمامة، وأن يتوكأ على عصا أو سلاح، وأن يجلس على المنبر أثناء أذان الظهر ثم يبدء الخطبة بعده، وأن يُسلِّم على المأمومين قبل البدء بالخطبة.

مَنْ تجب عليه:

تجب الجمعة -في أزمنة وجوبها- على من اجتمعت فيه الشروط التالية:

1- الكمال بالبلوغ والعقل.

2- الذكورية (فالمرأة لا تُعد ضمن العدد المعتبر، وإن صحت جمعتها إذا حضرت الصلاة).

3- الحرية.

4- الحضور في البلد (أن لا يكون مسافراً).

5- السلامة من العمى والعرج والمرض.

6- أن لا يكون شيخاً هرماً يصعب عليه الذهاب الى الجمعة .

7- أن لا يكون بينه وبين محل إقامة الجمعة أكثر من فرسخين (حوالي أحد عشر كيلو متراً وأربعمأة متر).

أحكامها:

أولاً: من لم تجتمع فيه الشروط المذكورة ، لو حضر صلاة الجمعة صحت منه بدل الظهر(كالمرأة ، والشيخ الهرم ، والعبد، والمسافر).

ثانياً: لو وجبت الجمعة ودخل وقتها، لايجوز على المرء تفويتها ولو بالسفر، إلا إذا كان أهم بحيث يسقط معه تكليف الفرد بالجمعة ويسبب عدمه حرجاً شرعياً له.

وأيضاً يحرم تفويت بعض الصلاة ولو بسبب الانشغال بالأعمال الجانبية كالبيع والشراء، وما شاكل.

ثالثاً: يشترط في إمام الجمعة كل ما ذكر من شروط إمام الجماعة، كما تنطبق هنا كل أحكام صلاة الجماعة التي مر ذكرها فيما سبق.

رابعاً: لو تفرق المأمومون قبل الدخول في الصلاة -سواء كان أثناء الخطبة أو بعدها- بحيث قل العدد عن أربعة مأمومين، سقطت الجمعة ووجبت إقامة الظهر، ولو تفرق المصلون أثناء الصلاة، حتى قل العدد عن أربعة، فالاحوط إكمال الامام والباقين لصلاة الجمعة، والاتيان بصلاة الظهر أيضاً.

خامساً: لو أدرك الجمعة بعد الخطبتين صحت صلاته، بل لو أدرك الجمعة والامام في الركعة الثانية إلتحق به وأكمل صلاته بعد تسليم الامام.

سادساً: الشك في عدد ركعات صلاة الجمعة مبطل لها.

صلاة العيدين

السنة الشريفة:

1- قال الامام الصادق عليه السلام: "صلاة العيدين فريضة...". ([307])

2- وقال الامام الباقر عليه السلام: "لا صلاة يوم الفطر والأضحى الا مع إمام عادل". ([308])

3- وقال عليه السلام: "ليس يوم الفطر ولا يوم الأضحى أذان ولا إقامة، أذانهما طلوع الشمس إذا طلعت خرجوا ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة، ومن لم يُصلِّ مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه". ([309])

4- وروى إسماعيل بن جابر: سألت أبا عبد الله عليه السلام: أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة. قال: ليس فيهما أذان ولا إقامة، وليكن ينادى: الصلاة ثلاث مرات..". ([310])

5- وجاء عن الامام الصادق عليه السلام: "من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل ، وليتطيَّب بما وجد، وليصلِّ في بيته وحده كما يصلي في جماعة". ([311])

6- وروي عنه عليه السلام: "ليس في السفر جمعة ولا أضحى ولا فطـر". ([312])

7- وسُئل أبو عبد الله عليه السلام عن خروج النساء في العيدين، فقال: "لا، إلا العجوز عليها منقلاها، يعني الخفين". ([313])

8- وسُئل الامام موسى بن جعفر عليهما السلام عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما على الرجال؟ قال: "نعم". ([314])

9- وروى معاوية بن عمار قائلاً: سألته عن صلاة العيدين ، فقال: ركعتــان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء، وليس فيهما أذان ولا إقامــة، تكبّـر فيهما اثنتى عشرة تكبيرة، تبدأ فتكبِّر وتفتتح الصلاة، ثم تقرأ فاتحة الكتاب، ثم تقرأ والشمس وضحاها، ثم تكبر خمس تكبيرات، ثم تكبر وتركع، فيكون تركع بالسابعة وتسجد سجدتين، ثم تقوم فتقرأ فاتحة الكتاب وهل أتاك حديث الغاشية ، ثم تكبر أربع تكبيرات، وتسجد سجدتين. وتتشهد وتسلّم ، ثم قال: وكذلك صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". ([315])

10- وجاء عن الامام الصادق عليه السلام حول كيفية صلاة العيدين أنه قال: "يكبر، ثم يقرأ، ثم يكبر خمساً، ويقنت بين كل تكبيرتين، ثم يكبر السابعة ويركع بها ثم يسجد، ثم يقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعاً فيقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر ويركع بها". ([316])

11- وجاء في حديث عن الامام الصادق عليه السلام: "والخطبة في العيدين بعد الصلاة". ([317])

12- وروى ابن سنان أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتمُّ في العيدين شاتياً كان أو قائظاً، ويلبس درعه، وكذلك ينبغي للامام، ويجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة". ([318])

13- وروى الامام الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام: أنه كان إذا خرج يوم الفطر والأضحى أبى أن يؤتى بطنفسة يُصلي عليها، ويقول : هذا يوم كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخرج فيه حتى يبرز لآفاق السماء ثم يضع جبهته على الأرض". ([319])

14- وقال الامام الصادق عليه السلام: "لاينبغي أن تصلي صلاة العيدين في مسجد مسُقَّف ولا في بيت، إنما تصلي في الصحراء أو في مكان بارز". ([320])

15- وقال الامام الباقر عليه السلام: "السنّة على أهل الامصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد الحرام". ([321])

16- وجاء عن الامام الباقر أنه قال: " نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرج السلاح في العيدين إلا ان يكون عدو حاضر". ([322])

17- روى سعيد النقّاش: قال لي ابو عبد الله عليه السلام: "أما أن في الفطر تكبيراً ولكنه مسنون" فقلت: واين هو؟ قال: "في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة، وفي صلاة الفجر، وفي صلاة العيد ثم يقطع" قلت: كيف اقول؟ قال: "تقول: الله اكبر الله اكبر الله اكبر لا إله الا الله والله اكبر ولله الحمد، الله اكبر على ما هدانا، وهو قول الله عز وجل. "ولتكملوا العدة" يعني الصيام " ولتكبروا الله على ما هداكم"([323]).

18- وجاء عن زرارة: قلت لابي عبد الله عليه السلام التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات؟ فقال: التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة وفي سائر الامصار في دبر عشر صلوات، واول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر، تقول فيه: الله اكبر، الله اكبر ، لا إله الا الله والله اكبر. الله اكبر ولله الحمد، الله اكبر على ما هدانا . الله اكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام..". ([324])

19- وجاء عن الامام الصادق عليه السلام ( في حديث) في صلاة العيدين ليس فيهما منبر، المنبر لا يحوّل من موضعه، ولكن يصنع للامام شبه المنبر من طين فيقوم عليه فيخطب للناس ثم ينزل. ([325])

تفصيل القول:

1- صلاة العيدين (الفطر والأضحى) واجبة جماعة في زمن الامام المعصوم عليه السلام إذا اجتمعت شرائط وجوب صلاة الجمعة. اما في زمن غيبة الامام المعصوم فهي مستحبة جماعة أو فرادى، إلا مع إمام عادل، وهو يتجلى في الفقيه المبسوط يده على الامة.

2- وفي حالة الاستحباب(أي في عصر الغيبة وعدم وجود إمام عادل) لا يلزم توفر شرائط صلاة الجمعة.

3- وقت صلاة العيد هو من طلوع الشمس صبيحة العيد وحتى زوال الشمس من نفس اليوم.

4- ويستحب تأخيرها في الأضحى الى حين إرتفاع الشمس، وفي الفطر تأخيرها أكثر من ذلك بمقدارٍ يسع للافطار وإخراج زكاة الفطرة ثم إقامة الصلاة بعدهما.

5- ولو فاتت صلاة العيد، فلا قضاء لها حتى في زمن الوجوب.

6- والاحوط حضور من به الكفاية (خمسة أفراد على الأقل معهم الامام) والاصغاء الى الخطبتين.

كيفيتهما:

7- وتتألف صلاة العيد من ركعتين حسب ما يلي:

يكبر تكبيرة الإحرام، ويقرء في الركعة الأولى فاتحة الكتاب وسورة أخرى، ثم يكبر خمس تكبيرات يقنت عقيب كل تكبيرة، ثم يكبر ويركع، ويسجد السجدتين، ثم يقوم للركعة الثانية.

وفي الركعة الثانية يكبِّر -بعد قراءة الفاتحة وسورة- أربع تكبيرات يقنت بعد كل واحدة منها، ثم يكبر ويركع ويسجد السجدتين ويتشهد ويُسلِّم.

8- والأظهر لزوم الاتيان بالتكبيرات والقنوتات.

9- ويجوز في القنوتات ان يدعو بكل ما شاء من الأدعية، والأذكار، وإن كان الأفضل اختيار الأدعية المأثورة عن المعصومين.