أ- لا تدري هل هو دم حيض أو دم العُذرَة([206])، عندها تقوم بالفحص بالطريقة التالية:
تُدخل قطنة في الفرج وتصبر قليلا ثم تُخرج القطنة برفق، فان كانت القطنة مُطوّقة بالدم فهو دم العُذرَة، وإن كانت القطنة منغمسة بالدم فهو حيض، والاختبار المذكور واجب باعتباره طريقاً لمعرفة الحكم.
فإذا كان لديها طريق علمي آخر كمراجعة الطبيب او التعرف على طبيعة الدم عبر صفاته، يكفيها ذلك، بلى لو تعذر عليها الاختبار او لم يساعدها على معرفة نوعية الدم لم تعتبر الدم من العادة.
ب- لا تدري هل هو دم حيض أم دم قرحة، وجب عليها الرجوع الى الامارات التي تدلها على انها حائض ام لا، فإذا لم تجد امارة حكمنا بطهارتها للاصل.
ج- لا تدري هل هو دم حيض ام استحاضة، ففي ذلك فروع نشير اليها:
1- اذا كانت الانثى ذات عادة وقتية وعددية وكانت مثلا ترى الدم من اول الشهر حتى الخامس منه، ثم تجاوز نزيف الدم عشرة ايام اعتبرت الزيادة عن عادتها استحاضة.
واذا لم يتجاوز العشرة بل زادت اياما على عدد ايامها -فرأت الدم سبعة ايام مثلا- فانها تعتبر الايام كلها حيضاً.
2- اما ذات العادة الوقتية فإذا تجاوز دمها عشرة ايام، فالاقرب انها تعتبر ما زاد على العشرة استحاضة.
3- اما ذات العادة العددية فانها ترجع من حيث العدد الى عادتها، واما من حيث الوقت والزمان فانها تعتبر ما فيه الصفات حيضاً في اختيار الاقرب عندها الى الحيض، لوجود امارات او قرائن تدلها عليه او تشير لها به.
هذا اذا اطمأنت بان دورتها هي أيام عادتها -كما هو المتعارف- اما اذا اطمأنت بالعكس وعرفت من الصفات ومن سائر الحالات المرافقة ان الايام الاخرى هي دورتها لا ايام عادتها، فعليها التحيض بالصفات.
وكما سبق، فإن الحيض حالة نسائية والعادة وغيرها امارات عليها، وعلى الانثى ان تتحرى الحقيقة عبر هذه الامارات ثم العمل بوظيفتها، فان لم تهتدي الى معرفة الواقع عبر الامارات والصفات، تخيرت في التحيض حسب الروايات القادمة .
4- المبتدأة والمضطربة التي لم تستقر لها عادة، ترجع الى التمييز، وذلك بأن تجعل ما كان بصفة الحيض حيضاَ وما كان بصفة الاستحاضة استحاضة، بشرط ان لا يكون ما هو بصفات الحيض أقل من ثلاثة ايام ولا ازيد من عشرة بحيث تفقد الانثى الثقة بالتمييز، الا أن تكون صفات الدم وسائر العلامات سبباً للاطمئنان العرفي عند المرأة بانه حيض، فان ذلك يكفيها حتى ولو لم يتوفر احد الشرطين واللـه العالم.
5- ولو كان الدم الذي هو بصفات الحيض معارضاً بدم آخر واجد للصفات ايضاً، كما اذا رأت الانثى مثلا خمسة ايام بصفات الحيض، ثم خمسة أيام بصفات الاستحاضه، ثم خمسة ايام بصفات الحيض، أو كان الدم كله بصفة واحدة فعندها تعين عليها الرجوع الى أقاربها في تعيين عدد أيام حيضها بشرط اتفاق الاقارب في عدد أيام الحيض، أو كون المخالف نادراً.
6- وهل إن اتحاد بلد الاقارب لازم في رجوعها الى الاقارب؟. الجواب هو أنه قد لا يكون اتحاد البلد مؤثراً وذلك مثل أن تكون عمتها الوحيدة مثلا قد اختارت السكنى في بلد بعيد، وقد يكون مؤثراً مثل ان تكون عمتها من والدة اخرى غير والدة أبيها وكان سكناها اساساً في بلاد مختلفة من حيث المناخ، فلعل اختلاف البلد في مثل هذه الحالة مؤثر، والقاعدة في ذلك هو مدى الاطمئنان العرفي الذي يحصل من التوافق مع الاقارب، وعموماً تستطيع المرأة المضطربة والمبتدأة والتي لا تمييز في الدم عندها ان ترجع الى بعض الامارات التي تدلها على طبيعة الدم مثل اقاربها وأترابها، ولأن العمر مؤثر في مقدار الدم، وكذلك البيئة التي تعيش فيها وما اشبه، فان بلغت الامارات درجة الاطمئنان تحيضت بذلك، والا رجعت الى التحيض بالعدد كما ياتي .
7- ومع اختلاف الاقارب في عدد أيام الحيض، فهي مخيرة بين ان تختار لنفسها ثلاثة ايام في شهر وعشرة في شهر آخر تتحيض فيها وتجعل الايام الباقية استحاضة، ويمكنها ان تتحيض في كل شهر ستة ايام او سبعة والاحوط اختيار السبعة، وجعل الايام الباقية استحاضة.
8- المراد من الاقارب هو الاعم من الابويني والابي او الامي فقط، ولا يلزم حياتهم في الرجوع اليهم.
9- اذا تبين للانثى بعد العمل بالكيفية السابقة ان زمان الحيض إنما هو غير ما اختارته، وجب عليها حينئذ قضاء ما فات منها من الصلوات احتياطاً، وهكذا الحكم اذا تبين لها الزيادة او النقيصة فيما اختارته.
10- لا فرق في اوصاف الحيض بين الدم الاسود والاحمر، فلو رأت الانثى مثلا دماً اسود ثلاثة ايام وثلاثة اخرى دما احمر ثم رأت بعد ذلك الدم بصفة الاستحاضة تحيضت ستة ايام.
السنة الشريفة:
1- روى محمد بن علي الحلبي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: غسل الجنابة والحيض واحد. وقال الحلبي سألت الامام عن الحائض عليها غسل مثل غسل الجنب؟. فقال الامام: نعم. ([206])
2- قال الامام الباقر عليه السلام: اذا كانت المرأة طامثاً فلا تحل لها الصلاة، وعليهـا ان تتوضـأ وضـوء الصلاة عند وقت كل صـلاة، ثم تقعد في موضع طاهـر فتذكر اللـه عز وجل وتسبِّحه وتهلّله وتحمده كمقدار صلاتها، ثم تفرغ لحاجتها. ([206])
3- وقال الامام الرضا عليه السلام: إذا حاضت المرأة فلا تصوم ولا تصلي..([206])
4- وروى أبّان عن الامامين الباقر والصادق عليهما السلام انهما قالا: الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة. ([206])
5- قال زرارة سألت الامام الباقر عليه السلام عن الحائض والجنب هل يقرآن من القرآن شيئا؟ قال: نعم ماشاءا إلاّ السجدة، ويذكران اللـه على كل حال. ([206])
6- روى محمد بن مسلم عن الامام ابي جعفر عليه السلام قوله: الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب، ويقرآن من القرآن ما شاءا إلاّ السجدة، ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه، ولا يقربان المسجدين الحرمين. ([206])
7- قال معاوية بن عمار: سألتُ الامام ابا عبد اللـه الصادق عليه السلام عن الحائض ما يحلّ لزوجها منها؟ قال: ما دون الفرج. ([206])
8- روى علي بن يقطين أنه سأل الامام الكاظم عليه السلام عن الحائض ترى الطهـر، ايقع فيها زوجها قبل أن تغتسـل؟ قال: لا بأس، وبعـد الـغُسـل احبّ اليّ . ([206])
9- قال الامام الصادق عليه السلام في كفارة الطمث (اي في كفارة مواقعة الزوجة اثناء الحيض) انه يتصدق إذا كان في اوله بدينار، وفي وسطه نصف دينار، وفي آخره ربع دينار، فسُئل الامام: فإن لم يكن عنده ما يكفرِّ؟ قال: فليتصدق على مسكين واحد، والا استغفر اللـه ولا يعود، فان الاستغفار توبة وكفارة لكل من لم يجد السبيل الى شيء من الكفارة. ([206])
10- قال الامام ابو جعفر عليه السلام: العدّة والحيض للنساء، إذا ادّعت صُدِّقت. ([206])
11- سُئل الامام الصادق عليه السلام عن امرأة اعتكفت ثم إنها طمثت، قال: ترجع ليس لها اعتكاف. ([206])
12- قال ابو عبيدة الحذّاء: سألت ابا جعفر عليه السلام عن الطامث تسمع السجدة، فقال: إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها. ([206])
13- سُئل الامام الصادق عليه السلام عن الحائض تناول الرجل الماء؟ فقال قد كان بعض نساء النبي صلى اللـه عليه وآله تسكب عليه الماء وهي حائض. وتناوله الخُمرة. وروي ان رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله قال لبعض نسائه: ناوليني الخُمرة، فقالت: انا حائض، فقال لها: احَيضُك في يدك؟ ([206])
14- قال محمد بن مسلم: سألت احدهما (أي الامام الباقر أو الامام الصادق عليهما السلام) عن الحبلى قد استبان حبلها ترى ما ترى الحائض من الدم، قال: تلك الهراقة من الدم. إن كان دماً احمر كثيراً فلا تصلّي، وان كان قليلاً اصفر فليس عليها الا الوضوء. ([206])
تفصيل القول:
للحائض احكام خاصة نشير اليها فيما يلي:
الاول: يحرم عليها جميع العبادات التي يشترط فيها الطهارة كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف.
واليك فروع المسألة:
1/ إذا حاضت الانثى أثناء الصلاة بطلت صلاتها حتى ولو حاضت قبل السلام.
2/ وكذلك الصوم، فإذا رأت الانثى الدم بعد دخول الفجر بلحظة لم تصم ذلك اليوم، ويبطل صومها ايضاً لو رأت الدم قبل المغرب بلحظة.
3/ لا تقضي الحائض ما فاتها من الصلوات اليومية حال حيضها، ولكن يجب قضاء ما فاتها من الصوم الواجب في تلك الحال.
4/ اذا دخل وقت الصلاة، وعلمت الانثى من الامارات النسائية الخاصة انها لو أخرت الصلاة حاضت، وجب عليها ان تأتي بالصلاة فوراً. ولو تكاسلت في هذه الحالة حتى حاضت وجب عليها قضاء تلك الصلاة.
5/ إذا طهرت المرأة الحائض في آخر وقت الصلاة، وكان الوقت يتسع للتطهر وتهيئة مقدمات الصلاة واتيان ركعة واحدة من الصلاة على الاقل، وجب عليها المبادرة للصلاة، ولو تكاسلت حتى خرج الوقت وجب عليها القضاء.
6/ إذا شكت المرأة الحائض في أنه هل لديها وقت للصلاة أم لا، وجب عليها ان تأتي بصلاتها.
7/ يجوز للحائض ان تأتي بسجدة الشكر، ويجب عليها سجدة التلاوة لو استمعت الى آية السجدة الواجبة.
8- يُستحب للمرأة الحائض في اوقات الصلوات ان تنظف نفسها من الدم وتغير القطنة والمنديل، ثم تتوضأ وتجلس في مصلاها مستقبلة القبلة، وتشتغل بذكر اللـه والدعاء بمقدار وقت الصلاة.
الثاني: يحرم عليها مس كتابة القرآن الكريم، ومَسّ أسماء اللـه جلَّ وعلا وصفاته اذا كـان المراد منها اللـه سبحانه وتعالى، وكذا يحرم عليها مسّ اسماء الانبيـاء والائمة
عليهم السلام على الاحوط.
الثالث: يحرم عليها قراءة آيات السجدة الواجبة بل سورها على الاحوط. ([206])
الرابع: يحرم عليها المكث والبقاء في المساجد، كما يحرم عليها وضع شيء في المساجد. اما اجتياز المساجد كأن تدخل من باب وتخرج من باب آخر فلا اشكال فيه، إلاّ المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، فانه لا يجوز حتى الاجتياز والمرور بهما.
الخامس: يحرم عليها وعلى الزوج الاستمتاع بوطئها في القُبل ولو بإدخال الحشفة خاصة ومن غير إنزال المني، بل يحرم حتى إدخال بعض الحشفة (وهو رأس الذَكَر) على الاحوط، ويجوز لهما سائر الاستمتاعات دون الدخول كالتقبيل والتفخيذ وسائر المداعبات.
واليك بعض التفاصيل:
1- لا فرق في حرمة وطئ الحائض بين الزوجة الدائمة والمتعة، والحرة والأمة والاجنبية والمملوكة.
2- يستحب على الزوج إعطاء الكفارة لو وطأها، وقيل يجب وهو موافق للاحتياط.
3- كفارة الوطء في اول الحيض: دينار واحد([206]) وفي وسطه نصف دينار، وفي آخره ربع دينار، وتُعطى هذه الكفارة للمساكين. والمراد بأول الحيض ثلثه الاول، وبالوسط: الثلث الثاني، وبالآخر: ثلثه الاخير.
4- بعد ان تطهر المرأة من دم الحيض يجوز لزوجها ان يجامعها قبل الغسل، ولكن الاحتياط الشديد يقضي بأن تغسل فرجها قبل المباشرة، والاحوط -استحباباً- اجتناب الجماع قبل الغسل.
السادس: يبطل طلاق المراة وظهارها حال الحيض إذا كان زوجها قد دخل بها ولو دبراً على الاحوط، واذا كان زوجها حاضراً او في حكم الحاضر ولم تكن حاملاً. فلو لم تكن مدخولا بها او كان زوجها غائباً او في حكم الغائب كالذي لا يقدر على استعلام حالها، أوكانت حاملاً صح طلاقها.
السابع: يجب على المرأة الغسل بعد انقطاع دم الحيض للاعمال الواجبة المشروطة بالطهارة، كالصلاة والطواف والصوم:
1- غسل الحيض هو تماماً كغسل الجنابة المذكور في فصل الجنابة.
2- يتداخل غسل الحيض مع غسل الجنابة، أي لو طهرت الانثى من الحيض وكانت جنباً ايضاً، كفاها غسل واحد عن الحالتين.
3- وجوب الغسل على الحائض لا يعني نجاستها طوال فترة الحيض، بل ان بدن الحائض طاهر لو لم يلوَّث بالدم او بنجاسة اخرى، وكذلك عرقها طاهر، وهي تستطيع ان تمارس حياتها الطبيعية كما لو لم تكن حائضاً.
الثامن: اذا اخبرت الانثى بأنها حائض قُبل ذلك منها، وكذا لو اخبرت بأنها طاهرة، الا اذا كانت دعواها مخالفة للمتعارف، فيجب الفحص عند ذلك عن امرها والتحقق من دعواها.
السنة الشريفة:
1- عن معاوية بن عمّار قال: قال ابو عبد اللـه عليه السلام: "إن دم الاستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان واحد، ان دم الاستحاضة بارد، وان دم الحيض حار".([206])
2- عن حفص بن البختري، قال: دخلت على ابي عبد اللـه عليه السلام امرأة فسألته عن المرأة، يستمّر بها الدم فلا تدري حيض هو او غيره؟ قال: فقال لها: "ان دم الحيض حار، عبيط، اسود له دفع وحرارة، ودم الاستحاضة اصفر، بارد..([206])
3- عن دعائم الاسلام: روينا عنهم عليهم السلام: "إذا استمر الدم بالمرأة فهي مستحاضة، ودم الحيض كدر غليظ منتن، ودم الاستحاضة دم رقيق..([206])
4- عن صفوان بن يحيى، عن ابي الحسن عليه السلام قال: قلت له: اذا مكثت المرأة عشرة ايام ترى الدم ثم طهرت فمكثت ثلاثة ايام طاهراً، ثم رأت الدم بعد ذلك اتمسك عن الصلاة؟ قال: "لا، هذه مستحاضة، تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة، وتجمع بين صلاتين بغسل ويأتيها زوجها ان اراد".([206])
5- عن حريز عن زرارة قال: قلت له: النفساء متى تصلي...-الى ان قال- قلت: والحائض؟ قال: "مثل ذلك سواء، فإن انقطع عنها الدم والاّ فهي مستحاضة.."([206])
أولاً: تعني (الاستحاضة) من الناحية اللغوية، استمرار دم الحيض. جاء في المغرب للمطرزي: واستحيضت (المرأة) إستمر بها الدم([206]) وجاء في المعجم الوسيط: استُحيضت المرأة استمر نزول دمها بعد ايام حيضها المعتاد. ([206])
ثانياً: نستفيد من الاحاديث التي بينت احكام الاستحاضة نفس المعنى اللغوي، حيث دارت اغلب الاشارة حول المرأة التي استمر بها الدم بعد ايام عادتها، والاصل في هذه الاحاديث ما روي عن النبي صلى اللـه عليه وآله حول فاطمة بنت ابي حبيش([206]) وما رواه الحلبي عن الصادق عن ابيه الباقر عليهما السلام انه سئل رسول اللـه عن المرأة تستحاض؟ فأوصى ان تمكث ايام حيضها لا تصلي فيها ثم تغتسل وتدخل قطنة([206])...الى آخر الحديث، ومثله سائر احاديث الباب.
ومن هنا نعرف ان أصل الاستحاضة استمرار دم الحيض، وقد تستخدم الكلمة في غير ذلك.
ثالثاً: أما الطب فيبيّن ان الاستحاضة حالة غير طبيعية ولذلك فالاطباء يبحثون عن سببه، بعكس دم الحيض الذي هو حالة طبيعية في المرأة .
والنزيـف قد يكون من بعض الإعتلال الذي يصيب الرحم (مما يسمى بالاستحاضة)، وقد يكون من مصدر آخر مثل قرحة او جرح (خصوصاً بعد الولادة) وفض بكارة وما اشبه، وهذا الدم ليس باستحاضة عندهم كما يبدو من كلامهم.
اما اسباب النزيف الرحمي (والذي منشؤه اختلال في الرحم ذاته) فهي كثيرة يُبيّنها الدكتور محمد رفعت في كتابه( المرأة) كالتالي:
من صوره المألوفة زيادة كمية الدم التي تنزل من الانثى كل شهر او ازدياد في عدد الايام التي ينزل فيها الدم كل شهر عن المعدل الطبيعي، وفي هذا النوع يكون السبب غالباً من الرحم نفسه او من جهازه الدموي، ومن أمثلة ذلك: الأورام الرحمية؛ مثل الورم الليفي واختناق الرحم او أي مرض دوري ينتج عنه عدم تجلّط الدم طبيعياً، وكل ذلك يؤدي الى هذه الصورة من النزف الرحمي.
بل ينزل الطمث في فترات متقاربة كل ثلاثة اسابيع مثلا او اسبوعين! وفي هذه الحالات يكون المسؤول غالباً عن هذا الاضطراب هو المبيض وليس الرحم نفسه، واحياناً يكون المسؤول عن هذا الاضطراب هو وجود نوع من الخلل او عدم الانسجام في العلاقة بين الغدة النخامية في المخ وبين المبايض، وهي علامة ذات أهمية بالغة في الجهاز الغددي الانثوي.
وأحياناً تندمج الصورتان السابقتان في صورة واحدة وينزل الطمث في هذه الحالة بكمية غزيرة زائدة على المعدل الطبيعي، ويجيء الدم مبكراً عن موعده كذلك أي في فترات متقاربة وليس كل شهر كما هو معروف طبياً، وبديهي ان السبب في هذه الحالة هو مرض او اضطراب في كل من الرحم والمبايض معاً. وغالباً ما نرى هذه الصورة في حالات احتقان الاعضاء التناسلية الانثوية والتهاباتها المختلفة. ومن العجيب انه ثبت حديثاً ان هذا النزف يلاحظ بكثرة في حالات القلق النفسي للأناث؛ سيدات او آنسات.
والصورة الرابعة والأخيرة للترف الرحمي في الأناث؛ هي: نزول كمية غير طبيعية من الدم وفي اوقات ومواعيد غير منتظمة كذلك، فبدلا من كل شهر او كل ثلاثة اسابيع او اسبوعين ينزل الدم في أي وقت وأي يوم وأي ساعة، وهو غالباً ما يكون نتيجة لاضطراب شديد في المبايض او لوجود التهابات عنيفة في الأعضاء التناسلية للأنثى، وأحياناً ما يكون ناتجاً عن قروح خبيثة او حميدة في الجهاز التناسلي.
وهذه الصورة الأخيرة من النزف الرحمي، من العلامات الهامة التي تنذر بوجود حمل غير طبيعي كما يحدث في حالات الاجهاض او الحمل خارج الرحم.
غالبية الأمراض المزمنة التي تصيب الانسان بالانهاك تضعف كمية الطمث الشهري عند الاناث، وتقلل من كميتها على عكس ما يعتقد الكثير من الناس. ولكن الأمراض الحادة والحميات قد تسبب اضطراباً في نظام الدورة الشهرية وتوقيتها الطبيعي، وفي امراض القلب والجهاز الدموي وجد في بعض امراض الدم المتميز بخطأ في سرعة التجلط او بضعف في الشعيرات الدموية ينتج عنها نزيف رحمي. ([206])
اما الأنيميا أو فقر الدم بمختلف انواعها فهي من المسببات الأكيدة للنزف الرحمي، ولا يسبب مرض القلب اضطراباً في الدورة الشهرية إلا في حالات هبوط القلب الأخيرة.
ضعف الغدة الدرقية وإفرازاتها في الإناث يسبب صوراً مختلفة من النزف الرحمي، بسبب صلة القرابة التي تربط بين الغدة الدرقية وأبناء عمومتها الغدد النسائية..
وهكذا الاضطرابات النفسية (حيث) ثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الاضطرابات النفسية والعصبية مثلما تسبب انقطاع الطمث الشهري في بعض الإناث، فإنها هي المسؤولة كذلك عن بعض حالات النزف الرحمي، ومن الأمثلة المعروفة لذلك: الضغط العصبي والقلق النفسي وكذلك عدم اشباع الرغبة الجنسية والخلافات الزوجية.. كذلك الارهـاق في العمل. كل هذه الحالات مسؤولة عن عدد كبير من حالات النزف في الانـاث.
بعد بيان تلك العوامل التي تسبب في نزف الرحم يتناول الدكتور الاسباب الموضعية كالقروح وفض البكارة وما اشبه فيقول:
قد تنزف الحامل في بدء شهور الحمل نتيجة لحدوث اجهاض، او لوجود حمل خارج الرحم، او لنشوء الجنين وتحوصله، وكلها انواع من الحمل غير طبيعية.
بعض انواع التشوهات الخلقية التي تصيب الرحم في الاناث؛ مثل الرحم ذات القرنين، أو الرحم ذي الحاجـز، في كلتا الحالتين تزيد كمية الطمث الشهري نتيجة للزيادة في حجم ومساحة الجدار المبطن للرحم، وهو كما نعلم المسؤول عن انتاج الطمث الشهري.
كثيراً ما نسمع عن حدوث نزف للعروس في ليلة الزفاف او بعدها، نتيجة لتمزق في غشاء البكارة وخصوصاً إذا حدث ذلك بعنف او قسوة، وقد يتمزق جدار المهبل كذلك اثناء العملية الجنسية، مما يصيب الانثى بحالة خطيرة من النزف يجب الاسراع في علاجها فوراً.
بعض حالات الانقلاب الرحمي الثابت قد تسبب نزيفاً رحمياً، وخصوصاً إذا كانت مصحوبة باحتقان مزمن في الرحم والمبايض، كذلك في بعض حالات السقوط الرحمي والمبيض.
الالتهابات الحادة والمزمنة التي تصيب الأعضاء التناسلية للأنثى تسبب في كلتا الحالتين صوراً مختلفة من النزف الرحمي، وأمثلة ذلك الالتهاب البريوني والتهاب المبايض والأنابيب والتهاب الجدار المبطن للرحم، وفي حالات الالتهاب الفطري المهبلي تنزف السيدة بالرغم من ان الالتهاب موجود في المهبل فقط!!
بعض الأورام الحميدة او الخبيثة التي تصيب المبايض قد تسبب نزيفاً رحمياً، ولكن الأكثر شيوعاً هي الأورام الرحمية، وأهمها: الورم اللبني بانواعه الثلاث.
اما الزوائد التي تصيب عنق الرحم والجدار المبطن له فتسبب غالباً صوراً من النزف مختلفة.
اما القروح الخبيثة التي تصيب أي جزء من الجهاز التناسلي في الانثى، فمن علاماتها الأكيدة النزف الرحمي بصورة او باخرى، نتيجة لتضخم الرحم تضخماً غير طبيعي تنزف بعض الأناث.
كما تلعب المبايض دوراً هاماً في تنظيم الدورة الشهرية، وتحديد كمية الطمث الشهري بحيث لا تتعدى الحد الطبيعي، وكل ذلك نتيجة لإفرازات المبيض من الهرمونات الجنسية.
إذن، فأي اضطراب في افراز المبيض من الهرمونات، تنعكس بصورة او باخرى على كمية الطمث وميعادها الشهري، ولهذا نجد ان كثيراً من حالات النزف الرحمي تنتج عن اضطرابات او امراض المبايض وافرازاتها الغددية. ومن امثلة ذلك؛ بعض حالات النزف الرحمي التي تحدث بعد الولادة نتيجة لاصابة المبايض، او الفترة التي تتلو سن البلوغ في الآنسان حيث ان المبايض ما زالت غير ناضجة تماماً، وكذلك في الحالات التي تصحب الاضطرابات العاطفية في الاناث. ([206])
وهنا نتساءل عن امكانية تسمية مثل هذا النزيف بالاستحاضة، حيث لا نشك في ان دم العُذرة (الناشئ عن تمزق غشاء البكارة ليلة العرس) ودم القرحة لا يسميان بالإستحاضة في الفقه ولا تجري عليهما احكامه .
ولكن يبقى السؤال عن الالتهابات التي تصيب بعض الأعضاء الداخلية للمرأة، وتسبب -بالتبع- نزيفاً رحمياً، هل يُعتبر النزيف الرحمي إستحاضة أم دماً نابعاً من قرحة..؟
يبدو من اطلاقات الأحاديث؛ ان مثل هذا الدم يعتبر ايضاً إستحاضة، فما دام مصدر النزيف الرحم (انى كان السبب وراء هذا النزف) هو عندهم إستحاضة، الاّ اذا عرفنا ان مصدره غير الرحم مثل قرحة أو عُذرة أو ما أشبه .. وبعبارة اخرى إذا كانت المرأة تتمتع بصحـة بدنيـة وسلامة نفسية فإنهـا لا ترى الدم الاّ عند دورتهـا الشهريـة. وأما إذا اعتلت فقد ترى نزيفاً يتجاوز دورتها، وتسمى هذه الحالة -في اللغة كما في الفقه- بـ (الاستحاضة) أي الزيادة في الحيض..
وتختلف طبيعة دم الإستحاضة عن دم الحيض، ولا يخرجان من موضع واحدٍ، وتعتبر الإستحاضةكل دم لا نعرف سببه و مصدره (ولم يثبت لدينا انه دم حيض او قرحة او نفاس او بكارة).
بالرغم من ان الاستحاضة ليست بصفة واحدة، إلاّ انها تتميز عادة بالصفات التالية:
1- يكون الدم في الاغلب اصفر.
2- بـارداً.
3- رقيقـاً.
4- يخرج في الغالب بفتور.
5- ليس له حرقة.
6- ليس لقليله ولا لكثيره حد.
فـروع :
1-صفات دم الاستحاضة في الغالب هي عكس صفات دم الحيض.
2- قد يكون دم الاستحاضة بصفات دم الحيض، وذلك في الموارد التي لا يمكن ان نجعل ما تراه الانثى حيضاً، كما لو كانت مدة رؤية الدم أقل من ثلاثة أيام أو اكثر من عشرة، فتعتبر ما تراه الأنثى حينئذٍ استحاضة حتى ولو كان بصفات الحيض .
3- لا يشترط في دم الاستحاضة رؤية الدم في سن خاص، فيمكن ان تراه الانثى قبل سن البلوغ أو في سن اليأس.
السنة الشريفة:
1-عن معاوية بن عمّار، عن ابي عبد اللـه عليه السلام قال: "المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلّي فيها ولا يقربها بعلها، فإذا جازت ايامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر، وتؤخّر هذه وتعجل هذه، وللمغرب والعشاء غسلاً تؤخّر هذه وتعجّل هذه، وتغتسل للصبح وتحتشي وتستثفر ولا تحني. ([206]) وتضمّ فخذيها في المسجد وسائر جسدها خارج، ولا يأتيها بعلها أيام قرئها، وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلّت كل صلاة بوضوء، وهذه يأتيها بعلها إلاّ في ايام حيضها". ([206])
2- عن سماعة، قال: قال: "المستحاضة اذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلاً، وان لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة، والوضوء لكل صلاة، وان اراد زوجها ان يأتيها فحين تغتسل، هذا إن كان دمها عبيطاً، وان كانت صفرة فعليها الوضوء". ([206])
3- عن فضيل وزرارة، عن احدهما عليهما السلام قال: "المستحاضة تكفّ عن الصلاة أيام اقرائها وتحتاط بيوم أو اثنين، ثم تغتسل كل يوم وليلة ثلاث مرّات، وتحتشي لصلاة الغداة، وتغتسل وتجمع بين الظهر والعصر بغسل وتجمع بين المغرب والعشاء بغسل، فإذا حلّت لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها". ([206])
4- عن فقه الرضا عليه السلام: "والوقت الذي يجوز فيه نكاح المستحاضة وقت الغسل، وبعد ان تغتسل وتتنظف، لأن غسلها يقوم مقام الطهر للحائض" وقال عليه السلام بعد ذكر ما تفعله المستحاضة: "ومتى اغتسلت على ما وصفت حلّ لزوجها ان يغشاها". ([206])
تفصيل القول:
تنقسم الاستحاضة باعتبار مقدار الدم الذي تراه الانثى الى ثلاثة اقسام:
1- قد يكون النزيف قليلاً لا يسيل حتى عند رفع القطنة، كما اذا رفعت المرأة القطنة فلم يَسِل الدم ولكنه موجود، فهي استحاضة قليلة.
2- وقد يكون النزيف حاداً بحيث يسيل اذا رفعت القطنة ولكن يتوقف عندما توضع القطنة، فهي استحاضة متوسطة.
3- وربما كان النزف شديداً الى درجة ان الدم ينفذ من القطنة، فهي استحاضة كثيرة.
ويجب على المستحاضة اختبار حالها واكتشاف انها من أي قسم من الاقسام الثلاثة، وفي حال تعذر الاختبار يجب عليها الأخذ بالقدر المتيقن.
ولكل من هذه الاقسام احكام خاصة نشير اليها كالتالي:
الاستحاضة القليلة:
1- يجب على الانثى ذات الاستحاضة القليلة أن تتوضأ قبل كل صلاة سواءً كانت الصلاة واجبة أو مندوبة، فعليها الوضوء قبل صلاة الصبح وقبل صلاة الظهر وقبل صلاة العصر وهكذا. ولا تستطيع ان تجمع صلاتين بوضوء واحد.
2- يستحب عليها تبديل القطنة قبل كل صلاة.
3- اذا توضأت المستحاضة القليلة قبل الصلاة ثم انقطع عنها الدم تماماً، تمكنت من اتيان بقية الصلوات بنفس الوضوء.
4- ليس على المستحاضة القليلة بعد طهرها غسل.
5- يجب على المستحاضة القليلة الوضوء قبل أي عمل يشترط فيه الطهارة؛ كالطواف ولمس كتابة القرآن الكريم مثلاً، ويجب عليها تكرار الوضوء اذا ارادت تكرار هذه الأعمال، فيجب عليها مثلا الوضوء لكل مرة تريد مسّ كتابة القرآن، الا اذا لم تفصل بينهما كثيراً بحيث يُعدّان عملاً واحداً.
6- لا يجب على المستحاضة تجديد الوضوء للأجزاء المنسية من الصلاة، ولا لركعات الاحتياط ولا لسجدتي السهو إذا أتت بها من دون فصل بينها وبين الصلاة.
7- اذا انقلبت المستحاضة القليلة الى متوسطة أو كثيرة، وجب عليها القيام بوظائف الحالة الجديدة اذا حصل لها ذلك قبل الصلاة، أما لو اتفق ذلك بعد الصلاة فليس عليها إعادة الصلاة، أما لو سال دمها اثناء الصلاة، وجب عليها قطع الصلاة والعمل بما يلزم عليها وفقاً للحالة الجديدة.
الاستحاضة المتوسطة:
1- مادامت المستحاضة المتوسطة متحفظة بالقطن فهي تصلي بالوضوء عند كل صلاة، كما تفعل القليلة تماماً.
2- إذا وضعت القطنة فسال الدم وجب عليها الغُسل عند وقت كل صلاتين، أي لصلاتي الظهر والعصر غسلاً واحداً ولصلاتي المغرب والعشاء غسلاً واحداً، وللفجر غسلاً كما المستحاضة الكثيرة.
3- الأحوط ان تبدل القطنة كل يوم وتغتسل حسبما أفتى بذلك المشهور من الفقهاء. والاولى ان تختار أول النهار للغسل فتنظف نفسها قبل صلاة الصبح وتغتسل وتتحفظ الى آخر صلاة.
الاستحاضة الكثيرة:
1- يجب على المستحاضة الكثيرة الغسل قبل كل صلاة، ويجوز لها ان تكتفي بغسل واحد وتجمع بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاتي المغرب والعشاء، وتغتسل لصلاة الفجر غسلاً، والغسل يكفيها عن الوضوء لكل صلاة. بلى إذا صلت في غير وقت الغسل فعليها أن تتوضأ لكل صلاة كما هي وظيفة المستحاضة القليلة.
2- يجب عليها تبديل القطنة إذا ظهر الدم عليها ولا يجب عند عدم ظهوره وإن كان احوط.
3- لا يجوز لها الجمع بين اكثر من صلاتين واجبتين بغسل واحد، نعم يجوز لها الاكتفاء بغسل الفرائض للنوافل، لكن يجب لكل ركعتين منها وضوء.
4- تجب عليها المبادرة الى الصلاة بعد الغسل، ويجوز لها إقامة الاذان والاقامة وكذا قراءة الادعية المأثورة، وهكذا لا يجب عليها الاقتصار على الواجبات في الصلاة بل يمكنها العمل بالمستحبات فيها ايضاً.
5- يجب عليها التحفظ بأية وسيلة ممكنة من خروج الدم، لكن في الموارد التي يكون الدم كثيراً لا ينقطع ولا يمكن منعه فلا يجب عليها ذلك .
فـروع :
1- يشترط في صحة صوم المستحاضة على الاحوط إتيانها للأغسال المذكورة حسب وظيفتها، فلو تركتها بطل صومها كما تبطل صلاتها، وأما غسلها لصلاة العشائين فلا دخل له في صحة الصوم وإن كان الأحوط مراعاته ايضاً، اما الوضوءات فلا دخل لها في صحة الصوم أصلاً.
2- اذا علمت المستحاضة بأن الدم سينقطع عنها قبل آخر وقت الصلاة، بحيث تتمكن من الصلاة بطهارة في الوقت، أخرت الصلاة حتى ذلك الوقت.
3- تتمكن المستحاضة من قضاء ما عليها من الصلوات المتعلقة بما قبل الاستحاضة في حال الاستحاضة، بشرط اتيانها بالغسل والوضوء لكل صلاة، وان كان الأحوط التريث حتى النقاء.
4- تجب على المستحاضة صلاة الآيات لو حصلت اسبابها، ويجب عليها ان تفعل لها كما تفعل للصلوات اليومية.
5- يقوم التيمم مقام الغسل والوضوء اذا لم تتمكن المستحاضة من الغسل او الوضوء.
6- اذا عملت المستحاضة المتوسطة بما عليها، جاز لها القيام بجميع الأعمال التي تشترط فيها الطهارة كمس كتابة القرآن، أما لو اغتسلت حسب وظيفتها جاز لها دخول المساجد والمكث فيها وقراءة العزائم، وجاز لزوجها مقاربتها حتى اذا لم تتوضأ.
7- الاقوى جواز دخول المستحاضة المتوسطة والكثيرة المساجد والمكث فيها من دون غسل، وان كان الأحوط استحباباً عدم ترك الغسل لذلك ايضاً.
8- الإحتياط الاستحبابي في ترك الوطء بغير غسل، والاقوى جوازه على كراهية، وكذلك بالنسبة الى قراءة العزائم.
السنة الشريفة:
1- قال الامام علي عليه السلام: قال رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله: "ما كان اللـه عز وجل ليجعل حيضها مع حمل، فإذا رأت المرأة الدم وهي حبلى، فلا تدع الصلاة، الاّ ان ترى الدم على رأس ولادتها، اذا ضربها الطلق ورأت الدم تركت الصلاة". ([206])
2- روى يونس بن يعقوب انه سمع ابا عبد اللـه عليه السلام يقول: "تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض، ثم تستظهر، وتغتسل وتصلي".([206])
3- روى زرارة عن احدهما عليهما السـلام قـال : " النفساء تكُفُّ عن الصلاة أيامهـا ([206]) التي كانت تمكث فيها، ثم تغتسل وتعمل كما تعمل المستحاضة". ([206])
4- قال مالك بن أعين: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم؟ قال:" نعم اذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدّة حيضها ثم تستظهر بيوم، فلا بأس من بعدُ ان يغشاها زوجها، يأمرها فتغتسل ثم يغشاها إن أحب". ([206])
5- عن ابي موسى البناء، عن ابي عبد اللـه عليه السلام قال سمعته يقول: "النفساء تبعث من قبرها بغير حساب لانها ماتت في غم نفاسها".([206])
تفصيل القول:
ماهو النفاس؟
هو دم الولادة التي تراه الحامل مع ظهور اول جزء من الولد او خلال عشرة أيام، مع احتمال ان يكون دم الولادة علمياً، وليس لقليله حدّ فيمكن كونه قطرة واحدة، وقد يستمر بها الدم حتى عشرة ايام كحد اقصى لمدة النفاس، اما اذا جاوز العشرة فليس بنفاس، انما هو نزيف الاستحاضة على الاقوى، والدم الذي يخرج قبل الطلق لا يعتبر دم نفاس.
وانما سمي هذا الدم بالنفاس لأنه يخرج عقيب خروج النفس، وتسمى المرأة في هذه الحالة بالنفساء. وللنفساء احكام نشير اليها كالتالي :
فـروع :
1- دم النفاس كدم الحيض حقيقة خارجية معروفة، ويعتمد في معرفته على مختلف الأمارات الخارجية، والتي ارشدنا الشرع الى بعضها.
2- الدم الذي تراه المرأة بعد السقط هو دم نفاس، ولدى الشك في السقط يلزم الفحص حسب المتعارف.
3- الدم الذي تراه المرأة قبل ظهور أول جزء من الولد ليس بنفاس الاّ اذا عرفنا يقيناً انه من النفاس، حتى ولو سبق الولادة قليلا، واللـه العالم.
4- لس لأقل النفاس حد، فيمكن ان يكون النفاس لحظات بسيطة.
5- لو لم تر المرأة دماً بعد الولادة ولا خلال الايام العشرة بعد الولادة، فلا نفاس لها.
6- اذا استمر الدم وتجاوز العشرة، فان كانت المرأة ذات عادة عددية في الحيض جعلت مقدار العادة نفاساً والباقي استحاضة، اما اذا لم تكن ذات عادة جعلت النفاس عشرة أيام والباقي استحاضة.
7- مبدأ حساب الأيام العشرة بالنسبة الى اقصى حد للنفاس هو من حين تمام الولادة لا من حين الشروع في الولادة، وان كان حكم النفاس جاريـاً عليها من حين الشروع، كما لو طالت الولادة واستغرقت فترة طويلة مثل خروج السقط قطعة بعد قطعة.
8- المرأة التي تلد توأمين وترى الدم عند ولادة كل منهما فالدمان نفاسان، مستقلان والفترة الموجودة بين النفاسين اذا انقطع عنها الدم يكون طهراً.
9- اذا انقطع الدم عن المرأة النفساء أياماً ثم رأت الدم قبل تمام العشرة ولم يتجاوز العشرة كان الكل نفاسـاً. الا اذا علمت يقيناً انه دم آخر.