2 / اذا احدث بما يوجب الوضوء اثناء الاغسال المستحبة او بعدها قبل القيام بما اغتسل له فالافضل اعادة الغسل ، فمن اغتسل للاحرام ، ثم احدث - اثناءه او بعده - قبل الاحرام فالأولى ان يعيد الغسل للاحرام ، حتى يحظى بالثواب الأتم انشاء اللـه سبحانه.
3 / اذا شك في غسل عضو من اعضائه بعد ما تجاوزه الى غيره فشكه ليس بشيء ، واذا شك في غسـل يساره بعدما فرغ من غُسلـه ( مثلاً لبس ثيابه او دخل في الصلاة او
حتى خرج من الحمام او قام بما يدل على فراغه ) فانه لا يعتني بشكه .
4 / اذا عرف ان بُقعة من جسمه لم تغسل نسياناً او لوجود حاجب فوق البشرة ، فعليـه ان يغسلها ويكفيه انشاء اللـه تعالى .
5 / سبـق القول، ان حقيقة الغسل كما حقيقة الوضوء واحدة، وهكذا ينوي المغتسل التطهر قربة الى اللـه سبحانه، ولا يجب - بل لا ينبغي له - ان يسمي نوع الحدث الذي اوجب الغسل من جنابة او حيض او مسّ ميت او ما اشبه ، فعليه لو اجتمعت اسباب شتى للغسل كفى ان ينوي الغسل امتثالاً لما أمر اللـه سبحانه ، ولو استعرض اسباب الغسل من باب التسليم فقد يوجب المزيد من الثواب ، وهكذا لو احتلم شخص ولم يعلم ثم اغتسل ليوم الجمعة او الاحرام او الزيارة ، او اغتسل هكذا قربة الى اللـه تعالى من دون سبب محدد ، كفاه عن غسل الجنابة . وهكذا لو مس ميتاً من دون علم بأنه يوجب الغسل ، ثم اغتسل لسبب او لغير سبب ، فقد طهر انشاء اللـه تعالى .
السنة الشريفة :
1/ قال معاوية بن عمار ، سمعتُ أبا عبد اللـه عليه السلام يقول : "الغسل من الجنابة، ويوم الجمعة ، والعيدين ، وحين تحرم، وحين تدخل مكّة والمدينة ، ويوم عرفة ، ويوم تزور البيت ، وحين تدخل الكعبة ، وفي ليلة تسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين من شهر رمضان ، ومن غسل ميتـاً". ([206])
2/ عن سماعة قال : سألت أباعبد اللـه عليه السلام عن غسل الجمعة ، فقال : واجب في السفر والحضر ، إلا أنه رخص للنساء في السفر وقلّة الماء . وقال : غسل الجنابة واجب ، وغسل الحائض إذا طهرت واجب ، وغسل الاستحاضة واجب إذا احتشت بالكرسف (أي: القطن) فجاز الدم الكرسف (إلى أن قال:) وغسل النفساء واجب، وغسل المولود واجب وغسل الميت واجب ، وغسل من مسّ الميت واجب ، وغسل المحرم واجب ، وغسل يوم العرفة واجب ، وغسل الزيارة واجب إلا من علّة ، وغسل دخول البيت واجب ، وغسل دخول الحرم يستحب أن لاتدخله إلا بغسل ، وغسل المباهلة واجب، وغسل الاستسقاء واجب، وغسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب، وغسل ليلة إحدى وعشرين سنّة ، وغسل ليلة ثلاث وعشرين سنّة لاتتركها ، لأنه يرجى في إحديهما ليلة القدر ، وغسل يوم الفطر ، وغسل يوم الأضحى سنة لا اُحب تركها ، وغسل الاستخارة مستحب. ([206])
3/ روى الحلبي أنه سأل الامام الصادق عليه السلام عن المرأة أعليها غسـل يـوم الجمعة والفطر والأضحى ويوم عرفة ؟ قال : نعم ، عليها الغسل كلّه. ([206])
4/ عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللـه عليه السلام قال : الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر، وعلى الرجال في السفر، وليس على النساء في السفر. ([206])
5/ عن الحسن بن خالد قال : سألت أبا الحسن الأول عليه السلام كيف صار غسل الجمعة واجباً ؟ فقال : إن اللـه أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة ، وأتم وضوء النافلة ( الفريضة ) بغسل يوم الجمعة ، ما كان في ذلك من سهو أوتقصير او نسيان أو نقصان. ([206])
6/ عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام ) قال : إغتسل يـوم الجمعة إلا أن تكـون مريضاً ، او تخاف على نفسك. ([206])
7/ قال : وقال الصادق عليه السلام : غسل يوم الجمعة طهور وكفّارة لما بينهما من الذّنوب من الجمعة الى الجمعة. ([206])
8/ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا عليه السلام قال : كان أبي يغتسل للجمعة عند الرّواح (أي: عند الزوال). ([206])
9/ عن الأصبغ قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد أن يوبخ الرجل يقول: واللـه لأنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة ، فإنه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأخرى . ([206])
10/ قال عمار الساباطي: سألت أباعبد اللـه عليه السلام عن الرجل ينسى الغسل يوم الجمعة حتى صلى . قال : "إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته". ([206])
11/ عن حريز ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : "لابد من الغسل يوم الجمعة في السفر والحضر ، ومن نسي فليعد من الغد". ([206])
12/ عن أبي ولاد الحنّاط ، عن أبي عبد اللـه عليه السلام قال : "من إغتسل يوم الجمعة للجمعة فقال : " أشهد أن لا إله إلا اللـه وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، اللـهم صلّ على محمد وآل محمد ، واجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين " ، كان طهراً له من الجمعة الى الجمعة". ([206])
13/ عن عمار قال: سألت أباعبد اللـه عليه السلام عن الرجل ينسى أن يغتسل يوم العيد حتى يصلي . قال : "إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته". ([206])
14/ قال مسعدة بن زياد: كنت عند أبي عبد اللـه عليه السلام فقال له رجل : بأبي أنت وأمي إني أدخل كنيفـاً ولي جيران وعندهم جوارٍ يتغنين ويضربن بالعود، فربما أطلت الجلوس إستمـاعـاً مني لهـنّ . فقال عليه السلام : لا تفعل . فقال الرجل : واللـه ما أتيتهن ، إنما هو سماع أسمعه بـاُذني . فقال عليه السلام: باللـه أنت أما سمعت اللـه يقول: « إِنَّ الْسَّمْعَ وَالْبَصَرَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً »؟ فقال : بلى واللـه كأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب اللـه من عربي ولا عجميّ. لا جرم إني لا أعود إن شاء اللـه، وإني أستغفر اللـه . فقال له : "قم فاغتسل وصل ما بدالك ، فانك كنت مقيماً على أمرِ عظيم ما كان أسوء حالك لومتّ على ذلك . أحمد اللـه وسله التوبة من كل ما يكره ، فإنه لا يكره إلا كل قبيح ، والقبيح دعه لأهله فان لكل أهلاً". ([206])
15/ عن عبد اللـه بن طلحة قال : سألت أبا عبد اللـه عليه السلام في الوزغ ، فقال : "هو رجس وهو مسخ كلّه ، فإذا قتلته فاغتسل". ([206])
16/ عن مقاتل قال : قلت للرضا عليه السلام : علمني دعاء لقضاء الحوائج ، فقال : إذا كانت لك حـاجـة الى اللـه مهمة فـاغتسل والبـس أنظف ثيـابـك ... الى آخر الحـديث. ([206])
17/ قال علي بن موسى بن طاوس في (كتاب الاقبال ): وجدت في كتب العبادات عن النبي صلى اللـه عليه وآله أنه قال : "من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوّله ووسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". ([206])
18/ روى أبو بصير ، عن أبي عبد اللـه عليه السلام انه قال: "صوموا شعبان وأغتسلوا ليلة النصف منه ، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة". ([206])
19/ روى المعلّى بن خنيس ، عن الامام الصـادق عليه السلام في النيروز أنه قـال : "إذا كـان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيـابك". ([206])
20/ عن حريز عن من أخبره ، عن أبي عبد اللـه عليه السلام قال : "إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلي فليغتسل من غد وليقض الصلاة، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلاّ القضاء بغير غسل". ([206])
21/ روى أبو بصير ، عن أبي عبداللـه عليه السلام عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال: "إغسلوا صبيانكم من الغمر فإن الشيطان يشم الغمر فيفزع الصبي في رقاده، ويتأذى به الكاتبان". ([206])
22/ قال علي بن الحسيـن العبدي: سمعت أبــاعبد اللـه عليه السلام يقول : "صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا. ( إلى أن قال ) ومن صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة. ( إلى أن قال ) عدلت عند اللـه مأة ألف حجة ومأة ألف عمرة". ([206])
23/ روى يوسف الكناسيّ ، عن أبي عبد اللـه عليه السلام أنه قال: "إذا أتيت قبـر الحسين عليه السلام فأت الفرات واغتسل". ([206])
تفصيل القـول :
1/ الاغتسال - كما الوضوء - تَطَهُّر والتَّطَهُّر مستحب . ولقد فاضت الأحاديث بالترغيب في الغسل في أوقـات أو أماكن متبركة ، ولأفعال عباديـة والتقيد بها من كمال ايمان المسلم .
2/ تكفي الأغسال الواجبة منها والمندوبة ، عن الوضوء، سواءً وردت سنة خاصة بها أم لا، ولكن لا بأس بالوضـوء قبلهـا أو بعدها إلاّ غسل الجنابة فليس قبله ولا بعده وضوء.
3/ إذا كانت أسباب مختلفة للغسل تغتسل غسلاً واحداً بنية الجميع وتثاب عليها إنشاء اللـه من باب التسليم .
4/ إذا أحدثت بعد غسلك بالحدث الأصغر وقبل القيام بما أغتسلت له ، فقد قال الفقهاء : أن الغسل قد انتقض ، وقال بعضهم : يستحب إعادته .
5/ إذا فقد الماء ، فلا بأس بالتيمم بدل الغسل المندوب رجاءً ، فإنه طهور .
6/ الاغسال المندوبة التي وردت في الروايات كثيرة، نذكر هنا بعضها:
- غسل يوم الجمعة، وهو اهمها على الاطلاق وقد اكدت الروايات عليه بلفظ الواجب.
- غسل العيدين.
- غسل الاحرام.
- غسل دخول مكة والمدينة.
- غسل الطواف بالبيت.
- غسل زيارة النبي والائمة الطاهرين.
- غسل يوم عرفة.
- غسل ليالي القدر في شهر رمضان.
- غسل اول ووسط واخر شهر رجب.
- غسل ليلة النصف من شعبان.
- غسل يوم الغدير.
السنة الشريفة :
1/ عن محمد بن حمـران وجميـل قـالا : قلنـا لأبي عبـد اللـه عليه السلام : إمـام قـوم أصابتـه جنـابة في السفر وليس معـه مـاء يكفيه للغسـل أيتوضـأ بعضهم ويصلي بهم ؟ قال : "لا، ولكن يتيمم ويصلّي بهم ، فإن اللـه عز وجل قد جعل التراب طهـوراً". ([206])
2/ قال أبو امامة: قال رسـول اللـه صلى اللـه عليه وآله : " فُضّلت بأربع؛ جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأيما رجل من أمتي اراد الصلاة فلم يجد ماء ووجد الأرض، فقد جعلت له مسجداً وطهوراً ، ونُصرت بالرّعب مسيرة شهر (تسيـر بين يـدي) واُحلّت لأمتي الغنائم ، واُرسلتُ الى الناس كافة". ([206])
3/ عن الحسين بن أبي العـلا قـال : سألت أبا عبد اللـه عليه السلام عن الرجل يجنب
ومعه من الماء بقدر ما يكفيه لوضوئه للصلاة ، أيتوضأ بالماء أو يتيمم ؟ قال : "يتيمم ، ألا ترى أنه جعل عليه نصف الطهور". ([206])
4/ روى علي بن سالم عن أبي عبد اللـه عليه السلام قـال : قلت لـه : أتيـمم وأصلي ثم اجد الماء وقد بقي عليّ وقت. فقال: "لا تُعد الصلاة، فان رب الماء هو ربُّ الصعيد". فقال لـه داود الرقيّ : أفـأطلب الماء يميناً وشمالاً ؟ فقال : "لا تطلب الماء يميناً وشمالاً ولا في بئر ، إن وجدته على الطريق فتوضأ منه ( به ) وإن لم تجده فامض". ([206])
5/ روى زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام قال : قلت رجل دخل الأجمة ليس فيها مـاء وفيها طيـن مـا يصنع ؟ قال : "يتيمم فإنه الصعيد". قلت : فـإنه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضـوء . قال : "إن خاف على نفسه من سبع أو غيـره وخـاف فـوات الـوقت ، فليتيمم يضرب بيـده على اللبد أو البرذعة ويتيمم ويصلي". ([206])
6/ روى عبيد اللـه بن علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللـه عليه السلام عن الرجل يمر بالركية ([206]) وليس معه دلو . قال : "ليس عليـه أن يدخـل الركيـة ، لأن رب المـاء هـو رب الارض فليتيمم". ([206])
7/ قال صفوان: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج الى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء ، فوجد بقدر ما يتوضأ به بمأة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها ، أيشتري ويتوضأ أو يتيمم ؟ قال : "لا بل يشتري ، قد أصابني مثل ذلك فاشتـريت وتوضأت ومـا يسوؤني ( يسـرني ) بذلك مال كثير". ([206])
8/ قال محمد بن مسلم: سـألت أبـا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون به القرح والجراحة يجنب ، قال : "لا بأس بأن لا يغتسل يتيمم". ([206])
9 / روى عبد اللـه بن سنان، عن أبي عبد اللـه عليه السلام ، في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه الا ماء قليل ، ويخاف إن هو إغتسل أن يعطش . قال : "إن خاف عطشـاً فلا يهريق منه قطرة ، وليتيمم بالصعيد ، فإن الصعيد احب إليَّ ". ([206])
10/ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، عمّن سأله عن رجل أجنب فلم يقدر على الماء ، وحضرت الصلاة فتيمم بالصعيد ثم مرّ بالماء ولم يغتسل وانتظر ماءً آخر وراء ذلك فدخل وقت الصلاة الأخرى ولم ينته الى الماء وخاف فوت الصلاة . قال : "يتيمم ويصلي ، فإن تيممه الاول إنتقض حين مرّ بالماء ولم يغتسل". ([206])
11/ قال سماعة: سألته (أي الامام المعصوم) عن رجل مرّت به جنازة وهو على غير وضوء ، كيف يصنع ؟ قال : "يضرب بيديه على حائط اللبن فليتيمم به". ([206])
12/ عن أبي عبد اللـه ، عن آبـائه ، عن امير المؤمنين عليهم السلام . قال : "لا ينام المسلم وهو جنب ، ولا ينام إلا على طهور فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد فإن روح المؤمن تروح إلى اللـه عزو جل فيلقاها ويبارك عليها فإن كان أجلها قد حضر بعث بها مع اُمنائه من الملائكة فيردّها في جسده". ([206])
13/ وروى اسحاق بن عمار أنه سأل الامام الصادق عليه السلام عن الرجل يكون معه أهله في السفر لايجد الماء أيأتي اهله؟ قال: ما أحب ان يفعل إلاّ أن يخاف على نفسه. فقلتُ: فيطلب بذلك اللذة، او يكون شبقـاً الى النساء؟ فقال: إن الشبق يخاف على نفسه. قلت: طلب بذلك اللذة. قال: هو حلال. ([206])
تفصيل القـول :
عند التأمل في الآيتين ([206]) الواردتين لتشريع الوضوء والغسل والتيمم نجد : أن معيار تسويغ التطهر بالتراب بدلاً عن الماء ، الحرج من الحصول على الماء أو إستخدامه ، بسبب مرض يخاف به من الماء ، أو سفر يصعب معه الحصول عليه ، أو ضيق وقت . ولقد ألحق الفقهاء بهما المانع الشرعي من التطهر بالماء ، كما لو إستلزم الاعتداء على حق الآخرين ، او كان معه إستخدام آنية الذهب والفضة . وفيما يلي نستعرض فروع هذا المعيار :
1/ إذا لم يجد الماء الكافي للتطهر ( وضوءً او غسلاً ) ولو بأقل ما يجزيه ، بالرغم من طلبه . وجب التطهر بالتراب ، ويكفي ان يثق الانسان بعدم الماء ، سواء ببحثه الشخصي عنه ، أو بحث نائبه أو شهادة عدلين أو حتى عدل واحد ، ولا فرق بين بحثه عنه قبل وقت الصلاة أو بعده إذا بقيت الاحوال كما هي ، أما إذا بحث عن الماء فلم يجده ثم نزل الغيث واحتمل تجدد وجوده فعليه أن يطلبه مجدداً سواءً قبل الوقت او اثناءه. وعليه الا يبادر الى التيمم قبل اليأس عن الماء او ضيق الوقت ، ولو صلى به صحت صلاته إنشاء اللـه . ولا يجوز إضاعة ماء التطهر سواء قبل وقت الفريضة أو بعده، كما لا يجوز إبطال وضوئه على إحتياط . بلى لو علم أنه لا يتمكن من الاغتسال
عن الجنابة ، فدفعه الشبق الى المبـاشرة الجنسيـة ، فلا بـأس عليـه ، إنما يتيمم للصلاة .
ولو أتلف الماء أو لم يطلبه حتى ضاق الوقت أولم يسخنه لغسله في البرد أو ما أشبه فقد أخطأ وعليه أن يتيمم لصلاته وتجزيه إنشاء اللـه .
ويجب عليه ان يوفر الماء لنفسه بدفع ثمنه شريطة ألا يصيبه الحرج من ذلك .
2/ الخوف مسـوّغ آخـر للتطهر بالتراب . فلو خـاف ان يصيبه - باستعمـال الماء - ضرر جسمي معتد بـه حتى مثل الشيـن ( تشقق بشرة اليد وتشوهها ) يمكنه أن يتطهر بالتراب ؛ أما الضرر اليسير الذي لا يعتـد بـه فـلا يسـوغ التيمم .
ومن الخوف خشية المرض أو تزايده أو تطاول برئه .
أما من تحمل الضرر وتطهربالماء ، فالاحوط التطهر بالتراب أيضاً ، سواءً كان تحمله حراماً كأن يكون الضرر بالغاً أو لا .
3/ من خشي العطش سواء خشيه على نفسه ، أو على نفس أخرى ، بل وحتى على أي كبد حرى كالحيوان الأليف بل وغير الأليف فإنه يتيمم ولا يتصرف في الماء ، وحتى الكافر الحربي لو خاف عليه العطش فالأحوط سقيه الماء والتيمم للصلاة ، وكذلك المرتد وإن جاز قتلهما .
4/ لوضاق الوقت عن الطهارة المائية كفاه التيمم ، سواءً كان ضيق الوقت بعذر أو من دون عذر ، كما لو أخر - تهاوناً - الاغتسال لصلاة الفجر حتى اقترب طلوع الشمس ، ولو بقي من الوقت بقدر أداء ركعة واحدة مع الطهارة المائية ، فالأقوى صحة الصلاة بها . بل الأحوط إختيارها على التيمم حتى ولو أدرك به كل الصلاة في الوقت .
أما من لم يعرف هل يبقى وقت لصلاته إذا تطهر بالماء ام لا ، فالمعيار وجود الخوف من فوات الصلاة وعدمه ، فإن خشي فوتها يتيمم وإلاّ فلا .
وليعلم : أن الصلاة المفروضة عند ضيق الوقت ، هي أخف صلاة ، حتى السورة تسقط عند خوف فوت الصلاة .
5/ إذا استلزم من استعمال الماء ، إرتكاب محرم ، تيمم كما لو كان الماء في ملك الغير فلا يجوز إقتحامه من دون إذنه . كذلك لو كان في آنية ذهب أو فضة أو كان في جبهة الحرب بحيث لو خرج للوضوء من خندقه قتل ، أو ما أشبه .
6/ يستـحب ، لمن آوى إلى فراشه فتذكر أنه ليس على وضـوء ، أن يتيمم من دثاره إن تثاقل عن القيام للوضوء . كذلك يستـحب لمن رأى جنـازة يُصلى عليـها ، فـإن هو ذهب ليتـوضأ خشي ألاّ يدركها ، فيستحب له أن يتيمم ويصلي عليها .
ولو تيمَّم الشخص لسائر غايات الطهارة ، وذلك برجاء الثواب عند فقد الماء كان حسناً ، ومجزيـاً عند اللـه إنشاء اللـه تعالى .
القرآن المجيد :
قال اللـه تعالى:« يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وإِن كُنتُم مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللـه كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً » (النساء/43)
السنة الشريفة :
1/ قال الامام الصادق عليه السلام: إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلواً ولا شيئاً تغرف بـه فتيمم بالصعيد ، فـإن رب الماء هــو رب الصعيد ، ولا تقع في البئر ولا تفسد
على القوم ماءَهم. ([206])
2/ روى عبـد اللـه بن بكير ، انه قال للامام أبي عبد اللـه الصادق عليه السلام: رجل أمّ قوماً وهو جنب وقد تيمم وهم على طهور . قال : "لا بأس ، فإذا تيمم الرجل فليكن ذلك في آخر الوقت ، فان فاته الماء فلن تفوته الارض". ([206])
3/ روى السّكوني ، عن الامام الصادق ، عن أبيه عن علي عليه السلام أنه سئل عن التيمم بالجصّ. فقـال: نعم . فقيـل: بالنّورة ؟ فقال: نعم. فقيل: بالرماد ؟ فقال: لا، إنه ليس يخرج من الارض إنما يخرج من الشجر. ([206])
4/ روى رفاعة ، عن أبي عبد اللـه عليه السلام قال : إذا كانت الأرض مبتـلة ، ليـس فيـها تراب ولا مـاء ، فانظر أجف موضع تجده فتيمم منـه ، فإن ذلك توسيع من اللـه عز وجل. قال: فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبر، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين ، فلا بأس أن يتيمم منه. ([206])
5/ روى زرارة ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : قلت رجل دخل الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين ما يصنع ؟ قال : يتيمم فإنه الصعيد ، قلت : فإنه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضوء . قال : إن خاف على نفسه من سبع أو غيره وخاف فوات الوقت فليتيمم يضرب بيده على اللبد أو البرذعة ويتيمم ويصلي. ([206])
6/ عن معاوية بن شريح قال : سأل رجل أبا عبد اللـه عليه السلام وأنا عنده فقـال : يصيبنا الدمـق والثـلج ونريـد أن نتوضأ ولا نجد إلاّ مـاءً جامـداً ، فكيف أتوضـأ ؟ أدلك
بـه جلدي ؟ قـال : نعم. ([206])
تفصيل القـول :
1/ يكفي التيمم بما يعتبر من وجه الأرض ( الصعيد ) سواءً كان تراباً أو رملاً أو حجراً أو مدراً . والأفضل إنتخاب التراب من رُبى الأرض .
2/ الجص والنورة وحجر الرحى والمرمر وما أشبه من الأراضي ذات الفوائد الخاصة يجوز التيمم بها جميعاً . شريطة ألا تخرج من طبيعة الارض .
3/ وكذا الجص والنورة يجوز التيمم بها بعد الطبخ على إشكال ، أما الخزف والآجر فالأحوط اختيار غيرهما .
4/ لا يجوز التيمم بالنبات والثلج والوحل والرماد وسحيق ورق الاشجار وما أشبه مما ليس من الأرض وإن كانت فوقها .
5/ إذا كنت في منطقة منجمدة ، فإن إستطعت تذويب الثلج للتطهر فافعل ، حتى ولوكان بنحو إمرار الثلج على أعضائك بلا خوف من التضرر به . وإن لم تقدر لضرر أو غيره ، واستطعت أن تحصل على تراب أو حجر لكي تتيمم فافعل . وإلا فإن تيممت بالثلج كـان أحوط . وإلاّ فصل بلا وضوء ولا قضاء عليك .
السنة الشريفة :
1/ قال زرارة: سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيده على الارض ثم رفعها فنفضها ، ثم مسح بها جبينه وكفيه مرة واحدة. ([206])
2/ روى زرارة عن الامام ابي جعفر عليه السلام أن رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله قال ذات يوم لعمار في سفر له : "يا عمار ؛ بلغنا أنك أجنبت ، فكيف صنعت ؟ قال : تمرغت يارسول اللـه في التراب. فقال له : كذلك يتمرغ الحمار أفلا صنعت كذا ، ثم أهوى بيديه الى الارض فوضعهما على الصعيد ، ثم مسح جبينه ( جبينيه ) بأصابعه وكفيه إحديهما بالاخرى ، ثم لم يعد ذلك". ([206])
3/ عن الكاهلي قال : سألته عن التيمم قال : فضرب بيده على البساط فمسح بهما وجهه ، ثم مسح كفيه إحديهما على ظهر الاخرى. ([206])
4/ عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقـول ، وذكر التيمم وما صنع عمار ، فوضع أبو جعفر عليه السلام كفيه على الارض ثم مسح وجهه وكفيه ، ولم يمسح الذراعين بشيء. ([206])
5/ عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: كيف التيمم؟ قال: "هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين، ثم تنفضهما نفضةً للوجه، ومرة لليدين، ومتى أصبت الماء فعليك الغسل إن كنت جنباً، والوضوء إن لم تكن جنباً". ([206])
تفصيل القـول :
1/ التيمم مسحتـان ، فبعد أن تضرب بـاطن يديـك على الأرض ، أو تضعهما عليها وضعاً ، تمسح بهما جبهتك وجبينك ، ويكفيك أن تمسح وجهك من قصاص الشعر الى أعلى أنفك ، وإلى فوق حاجبيك ، وإذا مسحت الحاجبين كان أولى .
2/ والأحوط أن تمسح بمجموع الكفين على جبهتك وجبينك ولكن لـو مسحت بـاصابعـك فقط كـان مجزيــاً إنشاء اللـه .
3/ ثم تمسح بباطن يدك اليمنى على ظاهر اليسرى وبالعكس ، إبتداءً مـن الزنـد وإنتهـاءً باطراف الاصـابع ، بمـا يسـمى مسـحـاً عرفـاً ، فلا يجب مسح ما بين الاصابع ولا الشقوق الباطنة .
4/ ويشترط في التيمم النية عند ضرب اليدين وإن يباشر المكلف بأفعاله لدى القدرة، وأن يتقيد بمسح الوجه بعد الضرب ثم المسح على اليدين اليمنى ثم اليسرى ، وأن يتبع بعض أفعاله بعضاً بحيث يعد عملاً واحداً وان يبدء بالأعلى فالأعلى . وأن يباشر المسح بلا حاجب على البشرة . والأحوط إستحبابـاً أن يكون الماسح والممسوح ، من أعضاء التيمم ، طاهراً .
5/ لا تجب إزالة الشعر من ظاهر الكف ولا من الجبهة ، بل يكفي المسح عليه . وإذا كانت على الماسح أو الممسوح جبيرة كفى المسح بها أو عليها .
6/ إذا كانت مباشرة التيمم حرجيـاً ([206]) على المكلف ، يأخذ غيره يده ويضربها على الأرض ثم يمسح بها على أعضائه . فإن إستصعب هذا عليه ايضاً، قام النائب بهذا الدور بنفسه فضرب النائب يده على الأرض ومسح بها اعضاء المريض .
7/ مع تعدد غايات التيمم يكفي قصد ما في الذمة عند النية . وكذلك إذا لم يعلم ما عليه من التيمم هل هو بدل عن الغسل او الوضوء .
8/ يكفي في التيمم أن يضرب يده الأرض مرة واحدة ويمسح بها الاعضاء. والأحوط إستحبابـاً أن يضرب الأرض بيديه مرتين ثم ينفضهما فيمسح جبهته ويديه ثم يضرب أخرى ويمسح يديه .
9/ إذا ساورك الشك في أفعال التيمم أو شرائطه بعد الفراغ منه فلا تأبه بالشك . وإذا كان شككَ أثناء التيمم فالأحوط أن تعيده حتى توقن بصحة عملك .
السنة الشريفة :
1/ قال حمّاد بن عثمان: سألت أبا عبد اللـه عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء يتيمم لكل صلاة ؟ فقال : "لا ، هو بمنزلة الماء". ([206])
2/ قال زرارة: قلت لأبي جعفر عليه السلام : يصلّي الرجل بتيمم واحد صلاة الليل والنهار كلها ؟ فقال : "نعم مالم يحدث ، أو يصب ماءً". قلتُ: إن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة. قال: "فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع، وإن كان قد ركع فليمض في صلاته، فان التيمم أحد الطهورين". ([206])
3/ قال أبو عبيدة: سألت أبا عبد اللـه عليه السلام عن المرأة الحائض ترى الطّهر وهي في السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها وقد حضرت الصلاة قال : "إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ، ثم تتيمم وتصلي". قلت : فيأتيها زوجها في تلك الحال ؟ قال : "نعم إذا غسلت فرجها وتيممت فلا بأس". ([206])
4/ وروى زرارة: قلت لأبي جعفر عليه السلام : فإن أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت ؟ قال : "تمّت صلاته ولا إعادة عليه". ([206])
5/ روى محمد بن مسلم ، انه سمع أبا عبد اللـه عليه السلام يقول : "إذا لم تجد ماءاً وأردت التيمم فأخر التيمم الى آخر الوقت ، فإن فاتك الماء لم تفتك الارض". ([206])
6/ روى زرارة ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) أنه قال : "إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت ، فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه ، وليتوضأ لما يستقبل". ([206])
7/ روى تفسير العيّاشي عن الامام الصادق عليه السلام قوله: التيمم بالصعيد لمن لـم يجـد المـاء كمـن توضّـأ مـن غدير مـاء ، أليس اللـه يقول : « فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً». قال الراوي: فإن أصاب الماء وهو في آخر الوقت ، فقال الامام: قد مضت صلاته. قال: فيصلي بالتيمم صلاة اخرى ؟ فأجاب الامام: إذا رأى الماء وكان يقدر عليه إنتقض التيمم. ([206])
8/ روى عبد الرحمان بن أبي نجران أنه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر : أحدهم جنب ، والثاني ميّت ، والثالث على غير وضوء وحضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم، من يأخذ الماء وكيف يصنعون؟ قال : "يغتسل الجنب ، ويدفن الميت بتيمم ، ويتيمم الذي هو على غير وضوء ، لأن غسل الجنابة فريضة ، وغسل الميت سنّة ، والتيمم للآخر جائز". ([206])
9/ قال الحسن التفليسي: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ميت وجنب اجتمعا ومعهما ماء يكفي أحدهما، أيهما يغتسل؟ قال: "إذا إجتمعت سنة وفريضة بدئ بالفرض". ([206])
تفصيل القول :
1/ الصعيد طهور كما الماء طهور . إنما الصعيد طهور حين يعذر الماء . فيجوز أن يتيمم المؤمن أنى شاء قبل وقت الصلاة أو بعده عند العذر ، ويشترط احتياطاً تأخير التيمم حتى يتأكد من عدم إرتفاع العذر قبل فوات الوقت ، والاّ يصبر حتى يضيق به الوقت عرفاً أو ييأس من إرتفاع العذر .
2/ ويجوز أن يصلي بالتيمم صلوات عديدة إذا لم يرتفع عذره ولم يحتمل ذلك . ويجوز التيمم لصلاة القضاء عند العذر وللنوافل ولسائر ما يشترط فيه الطهارة . كما يجوز التيمم للكون على الطهارة .
3/ إذا تيمم بزعم بقاء العذر وصلى فارتفع قبل إنتهاء الوقت فلا إعادة عليه .
4/ من منعه الزحام يوم الجمعة من الوضوء لصلاتها تيمَّمَ وصلى ثم أعاد .
5/ من تطهر بالتراب بدل الغسل كفاه عن الوضوء كما يكفي الغسل ، سواءً كان عن جنابة أو غيرها ، وسواءً كان واجبـاً أو ندبـاً .
6/ ينتقض التيمم البديل عن الوضوء بالاحداث الناقضة للوضوء، والبديل عن الغسل بالاحداث الناقضة للغسل .
7/ إذا إرتفع عذرالمتطهر بالتراب قبل إقامة الصلاة انتقض تيممه ، وأما أثناءها فإن كان بعد الركوع مضى في صلاته ، أما قبله أعادها بالوضوء والاحوط أن يتمها حينئذ ويعيد .
8/ من تطهر بالتراب كان كمن تطهر بالماء وهكذا يجوز ما جاز له من الاعمال التي تشترط بالطهارة سواءً بسواء ، بلى من إستطاع أن يتوضأ وقد تيمم بدل الغسل فألاولى أن يتوضأ في غير غسل الجنابة . ومن وجد من الماء ما يكفيه للغسل أو الوضوء قدم الغسل لأنه يكفيه عن الوضوء دون العكس .
9/ يجوز لمن تطهر بالتراب أن يؤم الجماعة ، ويجوز أن يؤدي عن غيره قضاء صلواته.
10/ من علم أنه لا يمكنه إذا حان الوقت أن يتطهر بالماء فعليه أن يقدم الوضوء أو الغسل عليه. وكذلك من علم أنه لا يمكنه بعد الوقت أن يتطهر بالصعيد فعليه أن يقدمه.
الحيض هو خروج الدم المعروف من رحم الانثى البالغة السليمة من غير ولادة او افتضاض، ويعرف الحيض باسماء اخرى منها الطمث، ومنها العادة الشهرية، والدورة الشهرية، ويكون رؤية دم الحيض من ابرز علامات بلوغ الانثى.
يقول الاطباء: تعتبر فترة البلوغ هذه فترة حرجة في حياة الانثى، فانها فترة تغيير من الطفولة الى مرحلة النضج، وتمتد هذه الفترة سنوات يصعب تحديدها اذ تبدأ منذ ما قبل العاشرة بفترة بسيطة وتنتهي قبيل سن العشرين غالباً، وهذه التغييرات التي تحدث يعود سببها الى نشاط الغدة النخامية التي تؤثر على باقي الغدد الصماء في الجسم. واهم مظاهر التغيرات الجسمانية اثناء فترة البلوغ هي التي تحدث في الثديين، وهي تبدأ قبل ظهور الطمث بفترة قد تزيد على عامين؛ وهي عبارة عن نتوء في الحلمتين، ثم بعد ذلك يكبر الثديان ويأخذان في الامتلاء.
اما الطمث فظهوره يتراوح بين سن التاسعة حتى السابعة عشر، وهذا راجع الى اختلاف البيئة والحالة الغذائية والصحية، وظهوره دليل على النضج الجنسي لدى الفتاة.
ويظهر الحيض في البلاد الحارة مبكراً وفي البلاد الباردة متأخراً، واذا بدأ الحيض قبل التاسعة كان ذلك بلوغاً مبكراً، واذا حدث تأخر في نزول الحيض حتى سن الثامنة عشرة او اكثر كان ذلك تأخراً مرضياً في البلوغ، ويعني ذلك في بعض الحالات وجود عيب خلقي في الرحم لصد الحيض.
وقد تأتي الدورة الشهرية في فترة البلوغ بانتظام، وقد لا تكون منتظمة، فقد تأتي مرتين في الشهر او اكثر، وقد يستمر الدم اكثر من اسبوع ولمدة عشرة ايام، وتستمر هذه الحالة لمدة تصل الى ستة اشهر حتى تنتظم الدورة الشهرية، فتصبح المدة خمسة ايام او اربعة كل شهر قمري او كل 28 يومـاً.
اما بالنسبة الى سائل الحيض فيقول الاطباء: يتركب سائل الحيض من دم متغير من اوعية الدم الرحمية ومفرزات رحمية، ومخاط وسائل رشحي، ويوجد احياناً اجزاء من انسجة. ويخرج من فوهة الرحم الظاهرة الى المهبل وتحدث تقلصات الرحم على دفعات بين الدفعة والاخرى دقيقة او اثنتان، ويتجمد دم الحيض ببطء، غير ان تجمده ليس تجمداً كاملا، واذا نزل معه الحيض دموية كان ذلك دليلا على انه اكثر كمية مما يجب ان يكون عليه .
وكميته في البكارى ثلاثون غراماً، وفي غيرهن من 180 الى 214 غراماً، وتغزر كميته في اليوم الثاني من ايام الحيض، وقد يحصل احيانـاً بعض التهيج لدى الانثى ايام الحيض، فتثور الحائض لأتفه الامور ولا تطيق حتى أمها او زوجها، وتتهيج على اطفالها وغيرهم، وقد تصاب بأرق او خمول او انقباض نفساني، ومثل هذه الحائض يجب ان تقابل برقة وعطف.
ويضيف الطب: ينبغي على الحائض ان تحافظ على سلامتها فلا تقوم بعمل عنيف، وان تلتزم الهدوء وان تتجنب رفع الاشياء الثقيلة، وعليها ان تغسل الاعضاء التناسلية الظاهرة عدة مرات في اليوم بالماء الفاتر والصابون، لمنع حدوث رائحة كريهة او حكة في اعضاء التناسل. وعليها الا تترك الدم يسيل على جسمها، بل يجب عليها ان تمنع سيلانه بأحفظة نظيفة ومعقمة، ويجب تغيير الاغطية كلما تلوثت بالدم، وتمنع الحائض من الحمام البارد اطلاقـاً، ولا بأس بالحمام الفاتر إلاّ في اليوم الذي يكون الدم فيه غزيراً، وتمنع عن الرياضة البدنية العنيفة ولا بأس بالرياضة الخفيفة.
ومن اسباب حدوث الالم في اثناء الحيض الامساك، ويمكن تجنبه بأكل الفواكه والخضار غير المطبوخة والحبوب غير المقشورة.
ويجب على الانثى ألاّ تتصل جنسياً بزوجها في اثناء الحيض وذلك لاسباب هي:
1- ان ذلك يسبب التهابـاً في مجرى البول للرجل.
2- يحتوي سائل الحيض على جراثيم عديدة علاوة على احتوائه على دم واجزاء من انسجة بطانة الرحم ومخاط، فإذا كان باعضاء تناسل الرجل خدش فقد تدخل الجراثيم منه الى دم الرجل، ويجوز ان تسبب له تسممـاً دمويـاً، او على الاقل تضعف قواه بصفة عامة، وهذه الجراثيم لا تؤذي المرأة لان في دمها اجسامـاً مضادة لها.
3- يسبب الاتصال الجنسي في اثناء الحيض ألمـاً للمرأة احيانـاً.
4- والأهم من كل هذا هو قول اللـه تعالى « وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ المَـحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ فِي الْمَـحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْن َفَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللـه إِنَّ اللـه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » (البقرة/222)
القرآن الكريم :
« وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ المَـحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ فِي الْمَـحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْن َفَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللـه إِنَّ اللـه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » (البقرة/222)
في هذه الآية الكريمة نتلو بيانـاً لحقائق كثيرة عن العادة الشهرية:
الف: ان المحيض كانت قضية اجتماعية بادر الناس بالسؤال عنها من الرسول الاكرم (يسألونك).
باء : المحيض هي حالة الحيض أو زمانه، ويبدو ان سؤال الناس لم يكن عن الحيض انما عن حالة الحيض عند المرأة، فجاء الجواب مطابقاً لسؤالهم.
قال بعضهم: والمحيض في الآية يصلح للمصدر والزمان، فتقدير المصدر يسألونك عن حيض المرأة ما حكمه من المجامعة وغيرها، وتقدير الزمان: يسألونك عن حال المرأة وقت الحيض ما حكمها في مجامعة الرجل اياها. ([206])
جيم: الاذى؛ هو الطارئ الذي لا يتناسب مع الطبع. ([206])
وهو فيما يبدو لي اقل من الضرر ويقابله الراحة، ومعناه في الآية حالة غير طبيعية.
دال: وجاء الامر بالاعتزال عنهن في حالة الحيض او زمانه عاماً، مما قد يوحي ان الاقتراب منهن بأية صورة كانت غير حميدة، الا ان التعبير القرآني الآتي جعل الحرام من الاقتراب خاصاً بالمجامعة، مما دل على أن هذا الحكم نوع من الحكم التنزيهي او ما نسميه بالكراهة.
هاء: وحين قال ربنا سبحانه: « فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ فِي الْمَـحِيضِ» ولم يقل فيه ربما للدلالة على ان الاعتزال ليس خاصاً بحالة سيلان الدم، بل يعم سائر ايام المحيض وما بحكم تلك الايام.
واو: وجاء النهي عن المقاربة (التي عرفنا معناها من الكلمة التالية « َفَأْتُوهُنَّ » وانه المقاربة الجنسية فقط) جاء هذا النهي للتأكيد على: حرمة خصوص الاتصال الجنسي في حالـة الحيض، فقـال ربنا سبحانـه: « وَلا تَقْرَبُوهُــنَّ حَتَّى يَطْهُـرْنَ » والتعبير بـ « يَطْهُرْنَ» جاء للدلالة على ان حد الحرمة انتهاء حالة المحيض، لان الطهارة (وهي العودة الى الحالة الطبيعية بعد حالة الاذى غير الطبيعية) انما تتحقق بتوقف الدم نهائيـاً.