بعد السیاسی للحج فی منظار الإمام الخمینی (رضوان الله تعالی علیه)

جلال الأنصاری

نسخه متنی -صفحه : 21/ 18
نمايش فراداده

أمريكا . . مصّاصة الدماء

لم تواجه السياسة الأمريكية ، في عصرنا الحديث ، مقاوماً عنيداً وصلباً كالامام الخميني(رضي الله عنه) . لقد خلط هذا الشيخ الطاعن في السن كلّ الأوراق على الادارة الأمريكية التي كانت تمنّي نفسها بالأماني ، وهي تتحصن بأهم قلاعها في المنطقة ، وإذا بأصحاب الأيادي المتوضئة يبرزون اليها من بين الآكام والأكواخ والمعاناة ويلقنونها درساً بليغاً لن تنساه ، فيطردونها من تلك القلعة ، ويطاردونها في غير موقع .

والامام الراحل لم يترك مناسبة دون أن يشير الى الشيطان الأكبر باعتباره المسؤول الأول عن الكثيرمن المآسي والكوارث التي حلّت بالشعوب ، وقد قارع الامام الخميني الهيمنة الأمريكية ، منذ وقت مبكر ، بل إنه دشن ولوجَه عالم السياسة بمهاجمة السياسة الأمريكية حيال ايران وبقية الشعوب المستضعفة .

وظلّ على موقفه الثائر من أمريكا حتى اللحظة الأخيرة . ولأهمية فضح الزيف وكشف حقيقة الوجه البشع لأمريكا دأب الامام(رحمه الله)في كلّ المواطن على توعية الشعوب المسلمة وتحذيرها من الخطر الأمريكي . وقلّما يخلو خطاب له من هذه النبرة . وفي ندائه لحجاج بيت الله الحرام يشير الى هذه النقطة بقوله: «أهم مسألة تعانيها الشعوب الاسلامية وغير الاسلامية الخاضعة للسيطرة وأمضّها ألماً هي مسألة أمريكا .

الحكومة الأمريكية باعتبارها أقوى حكومة في العالم ، لا تدّخر وسعاً في ابتلاع المزيد من ثروات البلدان الخاضعة لسيطرتها . أمريكا تحتل المرتبة الأولى بين أعداء الشعوب المحرومة والمستضعفة في العالم ، وهي لا تتورّع عن ارتكاب أية جريمة على طريق فرض هيمنتها السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية على البلدان الخاضعة لسيطرتها . إنها تستغل الشعوب المظلومة في العالم ، عن طريق دعايات واسعة تخطط لها أجهزة الصهيونية العالمية . إنها تعمل عن طريق عملائها المتسترين الخونة على امتصاص دم الشعوب الضعيفة ، وكأنها هي وحلفاؤها وحدها تمتلك حق الحياة!

ايران اذا أرادت أن تقطع علاقاتها مع هذا الشيطان الأكبر في جميع المجالات ، تعاني اليوم من هذه الحروب المفتعلة . أمريكا تحث العراق على سفك دم شبابنا ، ودفعت جميع البلدان الخاضعة لنفوذها الى الإطاحة بنا ، عن طريق المقاطعة الاقتصادية . ومن المؤسف أنّ كثيراً من البلدان الأوروبية والأسيوية ناصبتنا العداء أيضاً .

على الشعوب الاسلامية أن تعلم أنّ ايران بلد يحارب أمريكا رسمياً ، وأن شهداءنا هم من الشباب الأبطال العسكريين والحرس ، الذين يقفون في وجه أمريكا دفاعاً عن ايران وعن الاسلام العزيز .

فمن الضروري أن نذكر ـ إذن ـ أن الاشتباكات التي نواجهها يومياً في غرب الوطن العزيز ، هي اشتباكات تفتعلها أمريكا عن طريق الفئات المنحرفة المرتبطة بالأجنبي . وهذه مسألة ترتبط بمحتوى ثورتنا الاسلامية القائمة على أساس الاستقلال الحقيقي . إذ لو كنّا قد تنازلنا لأمريكا أو لسائر القوى الكبرى لما عانينا من هذه المصائب ، لكن شعبنا ما عاد مستعداً لقبول الذل والخضوع ، وأنه يفضل الموت الأحمر على حياة الذل والعار . إننا مستعدون للقتل ، وعاهدنا الله أن نقتدي بإمامنا سيد الشهداء الحسين بن علي(عليه السلام)» .

ثم يوجه الامام خطابه الى الحجيج قائلا:

«أيها المسلمون المتضرعون الى الله قرب بيت الله .

ادعوا الى الصامدين بوجه أمريكا وساير القوى الكبرى ، واعلموا أننا لسنا في حرب مع العراق ، بل إن شعب العراق يساند ثورتنا الاسلامية . نحن في صراع مع أمريكا ، واليوم فإنّ يد أمريكا تجسّدت في حكومة العراق ، وسيستمر هذا الصراع بإذن الله حتى نحقق استقلالنا الحقيقي .

ولقد قلت مراراً; إنّنا رجال حرب ، وليس للاستسلام معنى في مفهوم الانسان المسلم .

أيّها البلدان غير المنحازة .

اشهدي أن أمريكا تستهدف إبادتنا ، فكّري في الأمر قليلا ، وساعدينا على طريق تحقيق أهدافنا .

نحن أعرضنا عن الشرق والغرب ، عن الاتحاد السوفيتي وأمريكا ، لندير بلادنا بأنفسنا ، فهل من الحق أن نتعرّض بهذا الشكل لهجوم الشرق والغرب؟!

إنه لاستثناء تاريخي في أوضاع العالم الحالية أن يكون هدفنا منتصراً حتماً بموتنا وشهادتنا وانهزامنا» 43 .