بعد السیاسی للحج فی منظار الإمام الخمینی (رضوان الله تعالی علیه)

جلال الأنصاری

نسخه متنی -صفحه : 21/ 4
نمايش فراداده

شمولية النظرة العامة

لقد استطاع أن يدمج شخصية العارف بشخصية الفقيه ، ثم انطلق من ذلك ليندفع ـ من خلال هذه الشخصية الجديدة ـ الى الله ، في خط المعرفة والحركة معاً ، ليعيش في حياته في شخصية الداعية الى الله والمجاهد في سبيله .

ومن هذا الموقع كان انفتاحه على الأمة كلها ، وعلى المستضعفين . . وهكذا رأينا كيف كانت حياته كلّها خاضعة لعناوين ثلاثة تلخّص كل العناوين الصغيرة في حركته .

وهي : «الله» ، و«الاسلام» ، و«الأمة في دائرة الاستضعاف» ليقابلها «الشيطان» بأحجامه الكبيرة والصغيرة والمتوسطة ، في عالم الغيب ، وفي عالم الحسّ والكفر بكلّ معانيه «الفكرية والعملية ، وبكل إفرازاته الواقعية في دائرة الضلال والانحراف والظلم ، والطاغوت» بكلّ رموزه الشخصية والاجتماعية والسياسية ، على مستوى الفرد والجماعة والدولة .

وهذا هو سر شمولية النظرة العامة للحياة عنده ، وشجاعة الموقف في حياته ، وصلابة التمرّد في مواقفه ، وصفاء الشعور في إحساسه ، وامتداد الأهداف في كلّ خطواته ، وانفتاح الثورة في مواجهته للواقع على مستوى العالم كلّه .

فـ «الله» هو ربّ العالمين ، و«الشيطان» هو العدو الأساسي للانسان كلّه . . و«الاسلام» هو رسالة الله الى الناس كافة ، و«الكفر» هو خط الشيطان الذي يريد أن ينحرف بالحياة كلّها ، وبالانسان كلّه عن «الله» . و«الأمة» تمثل العنوان الذي يشمل المسلمين جميعاً ، كما أنّ ارتباط قضاياها بقضايا المستضعفين كلهم جعلها تنفتح على كلّ قضاياهم في العالم كلّه . . والطاغوت الفردي والجماعي والدولي يمثل كل مواقع الطغيان الفكري والعملي في واقع الانسانية كلّه .

وهذا هو الذي يجعلنا نلاحظ تكرر هذه الكلمات في كلّ كلماته ، بحيث لا تغيب عن لسانه في كلّ مناسبة من مناسبات الصراع7 .

من الواضح أنّ الامام الخميني تحرّك ضمن مشروع سياسي نهضوي واسع الأبعاد ، ومتعدد الجبهات والجهات ، ولقد كان الامام معنيّاً بهموم ومشاكل وأزمات الوضع الاسلامي العام بالمستوى الذي كان معنيّاً بالوضع السياسي لبلده الأم8 دون أن يغفل هموم المستضعفين في إطارها الانساني الواسع .