لقد بلغت أركان الحجّ مرتبة رفيعة من الأهمّية ، بحيث لو ترك واحدة منها لبطل الحجّ ويجب على التارك التدارك في العام المقبل .
ومن تلك الأركان : لزوم الوقوف بالموقفين ، عرفات والمشعر الحرام . فالحاجّ بعد أن أحرم في الحرم يجب عليه أن يخرج من الحرم حتى يهيّئ نفسه للدخول فيه مرّة أُخرى .
ولا يكاد يسمح للحاجّ الدخول في الحرم الآمن إلاّ بعد أن يتعب نفسه في أداء المناسك ، والصبر على الحرّ والبرد ، وصرف المال الحلال; لأنّه إن صرف المال المشتبه في هذا السفر المعنوي لم يصحّ حجّه ، ولا يصير حاجّاً ، فحينئذ بقي العناء وذهب الأجر ولا العكس .
إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) سُئل عن الوقوف بالجبل19 ، لِمَ لم يكن في الحرم؟
فقال(عليه السلام) : «لأنّ الكعبة بيته والحرم بابه ، فلمّا قصدوه وافدين ، وقفهم بالباب يتضرّعون» .
قيل له : فالمشعر الحرام لِمَ صار في الحرم؟
قال(عليه السلام) : «لأنّه لمّا أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني ، فلمّا طال تضرّعهم بها أذن لهم بتقريب قربانهم ، فلمّا قضواتفثهم تطهّروابهامن الذنوب التي كانت حجاباً بينهم وبينه ، أذن لهم بالزيارة على الطهارة» .
قيل: فلِمَ حرّم الصيام أيّام التشريق؟
قال(عليه السلام) : «لأنّ القوم زوّار الله ، فهم في ضيافته ، ولا يجمل بمضيف أن يصوّم أضيافه» .
قيل : فالتعلّق بأستار الكعبة لأيّ معنى هو؟
قال(عليه السلام): «هو مثل رجل له عند آخر جناية وذنب، فهو يتعلّق بثوبه يتضرّع إليه ويخضع له أن يتجافي عن ذنبه» 20 .