لكنّ ابن عبّاس يحمل على هذه الحجّة حملاً عنيفاً ، متسلّحاً بآي القرآن هذه المرّة ، فيقول : (أمّا قولك : كرهت قريش ! فإنّ الله تعالى قال لقوم : ( ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل اللهُ فأحبط أعمالهم ) (1).
وأمّا قولك : إنّا كنّا نجخف ! فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة ، لكنّا قوم أخلاقنا مشتقّة من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال له الله تعالى : (وإنّك لَعلى خُلُقٍ عظيم ) (2)وقال له : ( واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين ) (3) .
وأمّا قولك : فإنّ قريشاً اختارت ! فإنّ الله تعالى يقول : ( وربّك يخلقُ ما يشاء ويختار ما كانَ لهم الخِيَرة ) (4).
وقد علمتَ يا أمير المؤمنين أنّ الله اختار من خَلقه لذلك مَن اختار ! فلو نظرتْ قريش من حيث نظر الله لها لَوُفِّقَت وأصابت) !!
ولهذا الحوار مصادره المهمّة أيضاً (5).
وهذه هي نظريّة النصّ في إطارها التامّ : ( وربّك يخلقُ ما يشاء ويختار ما كانَ لهم الخِيَرة ) ، وإنّ الله اختار مِن خلقه لهذا الاَمر مَن اختار..
والحوار الطويل الذي أداره عثمان أيّام خلافته مع ابن عبّاس ، يكشف
(1) سورة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم 47 : 9 .
(2) سورة القلم 68 : 4 .
(3) سورة الشعراء 26 : 215 .
(4) سورة القصص 28 : 68 .
(5) تاريخ الطبري 4 : 223 ، الكامل في التاريخ 3 : 63 ـ 65 ، شرح نهج البلاغة 12 : 53 ـ 54.