عن وضوح تامّ لهذه القضيّة ، إذ يختم عثمان حديثه بقوله : (ولقد علمتُ
أنّ الاَمر لكم ، ولكنّ قومكم دفعوكم عنه ، واختزلوه دونكم) !
فأكّد ابن عبّاس هذا المعنى في جوابه ، وذكر العلّة فيه كما يراها ،
ويرى أنّها لم تكن خفيّةً أيضاً على عثمان ، فيقول : (أمّا صَرفُ قومِنا عنّا
الاَمرَ فعن حسدٍ قد والله عرفتَه...) (1).
هذا كلّه وكثير غيره عرفه الصحابة ، وحفظه التاريخ ، لهم أو عليهم !
فحقَّ إذن لقائل أن يقول : إنّ غالبية المسلمين حين توفّي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
كانوا مع الاتّجاه الذي يمثّله الامام عليٌّ بن أبي طالب ( ع ) وأصحابه ، لاَنّ النبيّ ( ص ) كان
زعيم هذا الاتّجاه (2).
لقد كان عامّة المهاجرين والاَنصار لا يشكّون في أنّ الامام علياً هو صاحب
الاَمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
النصّ في حديث عليّ :
واضح جدّاً في قراءة تلك الحقبة من التاريخ أنّ عليّاً عليه السلام هو أكثر مَن
تبنّى إظهار النصوص والاِشارات الدالّة على اختياره من الله لخلافة
الرسول ، أو النصّ عليه بالاسم .
فكلماته دالّة على ثبوت الخلافة له بعد الرسول بلا فصل ، وأنّ انتقال
(1) أخرجه الزبير بن بكّار في (الموفّقيّات) ، وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 9 : 9 .
(2) أحمد عبّاس صالح ، مجلّة (الكاتب) القاهرية ـ يناير 1965 م ، وعنه محمّد جواد مغنية ، الشيعة في الميزان :
431 .