بمكان ، إلا أن الحال في الدراهم أيضا كذلك ، فإذا كان الاختلاف من جهة السكة لا يمكن التصحيح من جهة المادة و الابطال من جهة الهيئة ، و أما الصورة الاخرى التي يصح البيع فيها مع الخيار أو مع عدمه فلا جامع بينها و بين آلات القمار ليحتاج إلى إبداء الفارق بينهما ، و من المحتمل أن هذه العبارة قد حررها النساخ في موضعها اشتباها و الله العالم .
قوله : ( و هذا الكلام مطرد في كل قيد فاسد ) .
أقول : الشروط سواء كانت صحيحة أم فاسدة لا تقابل بجزء من الثمن كما سيأتي بيان ذلك في بابها ، و عليه فتخلفها لا يوجب إلا الخيار حتى على مسلك المصنف ، و دعوى الخصوصية في المورد جزافية .
حكم بيع العنب على أن يعمل خمرا قوله : ( القسم الثاني ما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة ) .
أقول : أراد به تقسيم ما يقصد من بيعه الحرام إلى ثلاثة أقسام ، و بيان حكم كل منها على حدة ، و منشأ القسمة هو أن المنفعة المحرمة التي يقصدها بالمتعاملان إما أن تكون تمام الموضوع في المعاوضة بحيث يرجع مفادها إلى بذل المال بازاء تلك المنفعة المحرمة لا ، كالمعاوضة على العنب بشرط التخمير فقط ، و على الخشب بشرط صنعه صنما فحسب ، و إما أن تكون بنحو الداعي إلى المعاوضة من دون اشتراط فيها كالمعاملة على العنب ليجعله خمرا من اشتراط لذلك في المعاوضة ، و إما أن تكون جزء الموضوع بحيث يرجع مفاد المعاوضة إلى ضم الغاية المحرمة للغاية المحللة ، و بذل المال بإزائهما ، كبيع الجارية المغنية إذا لو حظ بعض الثمن بإزاء صفة الغناء ، فهنا مسائل ثلاث .
ثم إن الوجوه المذكورة جارية في الاجارة أيضا ، بل هي تزيد على البيع بوجه رابع ، و هو أن يؤجر نفسه لفعل الحرام كالزنا و النميمية و الغيبة و القتل و الافتراء ، و من هذا القبيل إجارة الجارية المغنية للتغني .
قوله : ( الاولى بيع العنب على أن يعمل خمرا و الخشب على أن يعمل صنما ) .
أقول : ادعى في المستند ( 1 ) و في متاجر الجواهر و غيرهما عدم الخلاف بل الاجماع على حرمة الاجارة و البيع ، بل كل معاملة و تكسب للمحرم سواء اشترطاه في العقد ام حصل اتفاق المتبايعين عليه ، كإجارة المساكن و الحمولات للخمر و ركوب الظلمة و إسكانهم للظلم ، و بيع العنب و التمر و غيرهما مما يتخذ منه المسكر ليعمل خمرا أو الخشب ليعمل صنما أو بربطا ، و إلى هذا القول ذهب بعض أهل الخلاف ( 2 ) بل هو ظاهر جميعهم ، لنصهم على حرمة الاجارة للامور
1 - راجع ج 2 ص 336 . 2 - في ج 3 فقه المذاهب ص 176 المالكية قالوا : بحرمة بيع الدكان ليباع فيه الخمر