اخر ، و عليه فمقتضى الاطلاقات الدالة على حرمة اخذ الاجرة على الحكم هو عدم الفرق بين صورتي الاحتياج إلى اخذ الاجرة و الانحصار و بين عدمهما ، كما هو واضح .
و من هنا ظهر انه لا وجه لقول المصنف : ( و أما اعتبار الحاجة فلظهور اختصاص ادلة المنع بصورة الاستغناء ) .
ثم الظاهر انه لا يجوز أخذ الاجرة و الرشوة على تبليغ الاحكام الشرعية و تعليم المسائل الدينية ، فقد عرفت فيما تقدم : أن منصب القضاوة و الافتاء و التبليغ يقتضي المجانية .
و يدل على الحرمة ايضا ما في رواية يوسف بن جابر ( 1 ) من أنه لعن رسول الله صلى الله عليه و آله رجلا احتاج الناس اليه لفقهه فسألهم الرشوة .
و لكن الرواية ضعيفة السند ، و العمدة في المقام التمسك بالاطلاقات المتقدمة الناهية عن أخذ الرشوة على الحكم .
جواز ارتزاق القاضي من بيت المال قوله : ( و أما الارتزاق من بيت المال فلا إشكال في جوازه للقاضي ) .
أقول : الفرق بين الاجرة و الارتزاق ان الاجرة تفتقر إلى تقدير العمل و العوض و ضبط المدة .
و أما الارتزاق من بيت المال فمنوط بنظر الحاكم من ان يقدر بقدر خاص .
و لا إشكال في جواز ارتزاق القاضي من بيت المال في الجملة كما هو المشهور .
لان بيت المال معد لمصالح المسلمين و القضاء من مهماتها .
و لما كتبه على أمير المؤمنين " ع " إلى مالك الاشتر في عهد طويل ( 2 ) فقد ذكر " ع " فيه صفات القاضي ثم قال : ( و افسح له في البذل ما يزيل علته و تقل معه حاجته إلى الناس ) .
و العهد و إن نقل مرسلا إلا أن آثار الصدق منه لائحة ، كما لا يخفى للناظر اليه .
و يدل على ذلك ايضا بعض الفقرات من مرسلة الحماد ( 3 ) الطويلة .
1 - قال : قال أبو جعفر " ع " : لعن رسول الهل صلى الله عليه و آله رجلا احتاج الناس اليه لفقهه فسألهم الرشوة . مجهولة لعبد الرحمن و يوسف بن جابر . راجع ج 3 ئل باب 8 تحريم الرشوة في الحكم من آداب القضاء ص 396 . وج 2 التهذيب ص 70 . 2 - راجع ج 3 نهج البلاغة في العهد 53 الذي كتبه للاشتر النخعي . وج 3 ئل باب 8 تحريم الرشوة في الحكم من آداب القاضي . وج 2 المستدرك ص 447 . 3 - في ج 1 كاكتاب الخمس ص 424 . وج 6 الوافي باب 34 جملة الغنائم ص 39 وج 3 ئل باب 8 تحرمي الرشا في الحكم من آداب القضاء ص 396 : عن حماد عن بعض