بالتحصيل ، و إلا فلا شبهة في كونه غيبة .
قوله : ( لعموم ما دل على حرمة إيذاء المؤمن ) .
أقول : قد دلت الروايات المتواترة ( 1 ) على حرمة إيذاء المؤمن و إهانته و سبه ، و على حرمة التنابز بالالقاب ، و على حرمة تعيير المؤمن بصدور معصية منه فضلا عن المعصية ، إلا أنها خارجة عن المقام كما ذكره المصنف ، فان النسبة بين ما نحن فيه و بين المذكورات هي العموم من وجه .
و قد أشرنا إلى ذلك في البحث عن حرمة سب المؤمن .
دواعي الغيبة قوله : ( ثم إن دواعي الغيبة كثيرة ) .
أقول : الاسباب التي ذكروها باعثة للغيبة عشرة .
و قد أشير إليها في ما روى عن الصادق " ع " في مصباح الشريعة ( 2 ) و لكن الرواية ضعيفة السند .
و تكلم عليها الشهيد الثاني رضوان الله عليه في كشف الربية بما لا مزيد عليه و نذكر منها اثنين ، فان لهما مأخذا دقيقا لا يلتفت اليه نوع الناس فيقعون في الغيبة ، من حيث لا يشعرون .
الاول : أن يرفع نفسه بتنقيص غيره ، بأن يقول : فلان ضعيف الرأي و ركيك الفهم ، و ما ذكره بديهي البطلان و نحوها من الكلمات المشعرة بالذم ، و أكثر منيبتلي به هم المزاولون للبحث و التدريس و التأليف فيما إذا أخذهم الغرور و العجب .
الثاني : أن يغتم لاجل ما يبتلي به أحد فيظهر غمه للناس ، و يذكر سبب غمه ، و هو شيء ستره الله على أخيه ، فيقع في الغيبة من حيث إنه يقصد الاهتمام بشأنه ، فان اغتمامه له رحمة ، و لكن ذكره سبب ذلك عليه شر .
و قد يتصنع ذلك بعض المنافقين ، و يأخذه وسيلة لهتك اعراض الناس و كشف عوراتهم : بأن يظهر الاغتمام و التحسر لابتلاء شخص محترم ، ثم يذكر فيه ما يوجب افتضاحه في الانظار و انحطاطه عن درجة الاعتبار .
فيلقي نفسه في جهنم و بئس المصير ، و بذلك يكونإداما لكلاب النار ، كما في بعض الاحاديث ( 3 ) استعيذ بالله من الحق و الحسد و غيظ القلوب .
1 - راجع ج 2 ئل أبواب العشرة من الحج . 2 - راجع ج 2 المستدرك ص 105 . 3 - في ج 2 المستدرك ص 106 عن جامع الاخبار عن النبي صلى الله عليه و آله : كذب من زعم أنه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة اجتنبوا الغيبة فانها إدام كلاب النار . مرسلة .