كفارة الغيبة قوله : ( الثاني : في كفارة الغيبة الماحية لها ) .أقول : الذي قيل أو يمكن أن يقال في بيان كفارة الغيبة وجوه ، الاول : الاستحلال من المغتاب ( بالفتح ) .الثاني : الاستغفار له فقط .الثالث : كلا الامرين معا .الرابع : أحدهما على سبيل التخيير .الخامس : التفصيل بين وصول الغيبة إلى المغتاب فكفارتها الاستحلال منه ، و بين عدم وصولها اليه فكفارتها الاستغفار له فقط .السادس : التفصيل بين إمكان الاستحلال منه ، و بين عدمه لموت ، أو بعد مكان ، أو كون الاعتذار موجبا لاثارة الفتنة و الاهانة ، فعلى الاول يجب الاستحلال منه ، و على الثاني يجب الاستغفار له .السابع : عدم وجوب شيء منهما في جميع الصور ، بل الواجب على المغتاب ( بالكسر ) الاستغفار لنفسه و التوبة من ذنبه .أقول : قبل التكلم في الوجوه المذكورة لا بد و أن يعلم أنه إذا شك في وجوب شيء منها فان اصالة البراءة محكمة للشك في ثبوت التكليف المقتضي للامتثال .و قال المصنف ( ره ) : إن ( اصالة بقاء الحق الثابت للمغتاب بالفتح على المغتاب بالكسر يقتضي عدم الخروج منه إلا بالاستحلال خاصة ) .و فيه أنه لم يثبت هنا للمقول فيه حق حتى يستصحب بقاؤه ، و يجب الخروج عن عهدته فان من حق المؤمن على المؤمن أن لا يغتابه ، و إذا اغتابه لم يحفظ حقه فلم يبق موضوع للاستصحاب ، و لم يثبت بذلك حق آخر للمغتاب حتى يستصحب .و عليه فلا وجه لما أفاده المقق الايرواني من أن الاصل في المسألة هو الاحتياط ، و الاتيان بكل ما احتمل دخله في رفع العقاب من الاستحلال و التوبة و الاستغفار للمغتاب ( بالفتح ) و غير ذلك .إذا عرفت ذلك فنقول : اما الاستحلال من المغتاب مطلقا فذهب إلى وجوبه جمع من الاصحاب .قال الشهيد في كشف الريبة : ( أعلم ان الواجب على المغتاب ان يندم و يتوب على ما فعله ليخرج من حق الله سبحانه و تعالى ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج عن مظلمته ) و يمكن الاستدلال على ذلك بأن الغيبة من حقوق الناس ، و حقوق الناس لا ترتفع إلا باسقاط ذي الحق منهم .أما الوجه في الصغرى فلانها ظلم للمغتاب .و لما ورد في الاخبار الكثيرة من أن حق المؤمن على المومن أن لا يغتابه .و أما الوجه في الكبرى فهو جملة من الروايات : منها ما دل على ان الغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها .و قد تقدمت هذه الرواية في البحث انها صغيرة أو كبيرة .و فيه انها