الكذب بقصد الإِصلاح وجوازه
و أما بناء على ما حققناه في محله من أن الامر موضوع لواقع الطلب : أعني إظهار الاعتبار النفساني على ذمة المكلف ، فما لم يثبت الترخيص من الخارج فان العقل يحكم بالوجوب و إذا ثبت الترخيص فيه من القرائن الخارجية حمل على الاستحباب ، و عليه فلا مانع من حمل الامر بقراءة الدعاء عند رؤية الهلال على الاستحباب ، للقطع الخارجي بعدم وجوبها عند رؤية الهلال ، فيتعين الاستحباب ، إذ ليس هنا احتمال آخر غيره لكي يلزم الاجمال .الثالث : أن يكون الكلام الصادر عن الامام " ع " ظاهرا في بيان الحكم التكليفي ، إلا انه في الواقع بيان للحكم الوضعي الصرف ، كما إذا ورد الامر بالوضوء عقيب المذي و الودي و مس الفرج و الانثيين أو غيرها من الامور التي يراها العامة احداثا ناقضة للوضوء فان الامر في هذه الموارد إرشاد إلى ناقضية الامور المذكورة للوضوء ، كما ان الامر بالوضوء عقيب البول والنوم إرشاد إلى ذلك ايضا ، وح فيدور الامر بين حمله على ظاهره من الناقضية بداعي التقية ، لا الجد ، و بين حمله على الاستحباب ، فالظاهر هو الاول ، فان حمله على الثاني يستلزم مخالفة الظاهر من جهتين : الاولى : حمل ما هو ظاهر في الارشاد إلى الناقضية على خلاف ظاهره من إرادة الحكم التكليفي .الثانية : حمل ما هو ظاهر في الوجوب على الاستحباب .و أما لو حملناه على التقية فلا يلزم منه إلا مخالفة الظاهر في جهة واحدة ، و هي حمل الكلام على ظاهره من المراد الجدي .جواز الكذب لارادة الاصلاح قوله : ( الثاني من مسوغات الكذب إرادة الاصلاح ) .أقول : لا شبهة في جواز الكذب للاصلاح بين المتخاصمين في الجملة عند الفريقين نصا ( 1 ) و فتوى ، و تفصيل ذلك1 - في كابهامش مرآة العقول ص 326 .وج 3 الوافي ص 157 .وج 2 ئل باب 141 جواز الكذب في الاصلاح من عشرة الحج ص 234 : عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله " ع " قال : الكلام ثلاثة صدق و كذب و إصلاح بين الناس الحديث .مرسل .و عن عيسى بن حسان قال : سمعت أبا عبد الله " ع " يقول : كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما إلا كذبا في ثلاثة : رجل كايد فى حربه فهو موضوع عنه أو رجل اصلح بين اثنين يلقي هذا بغير ما يلقي به هذا يريد بذلك الاصلاح فيما بينهما أو رجل وعد أهله شيئا و هو لا يريد ان يتم لهم .مجهولة بعيسى بن حسان .