المستثنيات من الحرمة منها جواز دفع الضرر
ماذا تفقدون ؟ قالوا لهم : نفقد صواع الملك ، و لم يقولوا : سرقتم ذلك .و يؤيده ما في خبر الاحتجاج المتقدم عن الصادق " ع " من قوله : ( اتهم سرقوا يوسف من ابيه الا ترى الخ ) .مسوغات الكذب جواز الكذب لدفع الضرورة قوله : ( فاعلم انه يسوغ لوجهين : أحدهما الضرورة اليه فيسوغ معها بالادلة الاربعة ) .أقول : لا شبهة في كون الكذب حراما في نفسه و مبغوضا بعينه ، لظاهر الادلة المتقدمة المطبقة على حرمته .و على هذا فلا وجه لما زعمه الغزالي ( 1 ) من ( ان الكذب ليس حراما بعينه ، بل فيه من الضرر على المخاطب أو على غيره ، فان اقل درجاته أن يعتقد المخبر الشيء على خلاف ما هو عليه فيكون جاهلا ، و قد يتعلق به ضرر غيره ) .نعم الظاهر ان حرمة الكذب ليست ذاتية كحرمة الظلم ، و لذا يختلف حكمه بالوجوه و الاعتبارات ، و على فإذا توقف الواجب على الكذب ، و انحصرت به المقدمة وقعت المزاحمة بين حرمة الكذب و بين ذلك الواجب في مقام الامتثال ، و جرت عليهما أحكام المتزاحمين ، مثلا إذا توقف إنجاء المؤمن و دفع الهلكة عنه على الكذب كان واجبا .و قد استدل المصنف على جواز الكذب في مورد الاضطرار بالادلة الاربعة : اما الاجتماع فهو و ان كان محققا ، و لكنه ليس إجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم ، فان الظاهر ان المجمعين قد استندوا في فتياهم بالجواز إلى الكتاب و السنة ، فلا وجه لجعلة دليلا مستقلا في المسألة ، و قد مر نظير ذلك مرارا .و أما العقل فهو و ان كان حاكما بجواز الكذب لدفع الضرورات في الجملة ، كحفظ النفس المحترمة و نحوه ، إلا انه لا يحكم بذلك في جميع الموارد ، فلو توقف على الكذب حفظ مال يسير لا يضر ذهابه بالمالك فانالعقل لا يحكم بجواز الكذب ح .و اما الكتاب فقد ذكر المصنف منه آيتين : الاولى قوله تعالى ( 2 ) : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره و قلبه مطمئن بالايمان و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم ) .و تقرير الاستدلال ان الآية الشريفة تدل بالمطابقة على جواز1 - راجع ج 3 إحياء العلوم بيان ما رخص فيه منالكذب ص 121 .2 - سورة النحل ، آية : 108 .