يجوز الاستصباح بالدهن المتنجس تحت الظلال
لا ينكر كونها عيبا في الاعيان النجسة و المتنجسة .سواء كانت من القبائح الواقعية أم لم تكن بل ربما يوجب جهل المشتري بها تضرره ، كما إذا اشترى الدهن المتنجس مع جهله بنجاسته و مزجه بدهنه الطاهر ، ثم إطلع عليها ، و لعله لذلك أمر بالتأمل .و الذي يسهل الخطب أنه لا دليل على وجوب إظهار العيب الخفي في المعاملات ، و إنما الحرام هو غش المؤمن فيها ، كما سيأتي في البحث عن حرمة الغش ، و عليه فالعيب الخفي إن استلزم الغش في المعاملات وجب رفع الغش ، و إلا فلا دليل على وجوبه ، و من المعلوم أن رفع الغش هنا لا ينحصر بإظهار العيب الخفي ، بل يحصل بالتبري عن العيوب ، أو باشتراط صرفه فيما هو مشروط بالطهارة ، و من هنا يعلم أنه لا وجه لتوهم : أن النجاسة عيب خفي وجب إظهارها حتى لا يكون غشا للمسلم .ثم إن وجوب الاعلام بالنجاسة فيما إذا كان المشتري مسلما مباليا في أمر الطهارة و النجاسة و أما إذا كانكافرا أو مسلما مبال في الدين فلا يجب الاعلام ، لكونه لغوا ، و إن كان الجميع مكلفين بالفروع كتكليفهم بالاصول .جواز استصباح الدهن المتنجس تحت الظلال قوله : ( الثالث : المشهور بين الاصحاب وجوب كون الاستصباح تحت السماء ) .أقول : المشهور بين الاصحاب هو جواز الاستضاءة بالدهن المتنجس على وجه الاطلاق ، و ذهب بعضهم إلى جواز الاسراج به تحت السماء ، و ذهب المشهور من العامة ( 1 ) إلى جواز الاستصباح به في المسجد ففي أطعمة السرائر : و قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة في كتاب الاطعمة : روى اصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف ، و هذا يدل على أن دخانه نجس أن عندي أن هذا مكروه ، إلى ان قال : و أما ما يقطع بنجاسته فقال قوم : دخانه نجس ، و هو الذي دل عليه الخبر الذي قدمناه من رواية اصحابنا .و قال آخرون و هو الاقوى : إنه ليس بنجس ، و قال ابن إدريس بعده : و لا يجوز الاستصباح به تحت الظلال لاجل التعبد .ثم قال : و لا يجوز الادهان به و لا استعماله في شيء من الاشياء سوى الاستصباح به تحت السماء ، ثم قال : ما ذهب أحد من أصحابنا إلى ان الاستصباح به تحت الظلال مكروه ، بل محظور بغير خلاف بينهم ، و قول شيخنا أبي جعفر محجوج بقوله في جميع كتبه إلا ما ذكره هنا ، فالأَخذ بقوله و قول اصحابنا أولى من الاخذ بقوله المتفرد من أقوال أصحابنا .1 - في ج 2 فقه المذاهب ص 231 وص 232 .