المالية ومنشئها
بحث و تتميم إن كيفيات الاشياء و أوصافها محسوسة كانت أم محسوسة و إن كانت بحسب الدقة الفلسفية من مقولة الاعراض ، إلا أنها في نظر العرف المبني على المسامحة و المساهلة ، منقسمة إلى قسمين ، الاول : أن يكون النظر إلى الاشياء أنفسها بالاصالة ، و إلى أوصافها بالتبع ، لفنائها في المعروض و اندكاكها فيه ، و مثال ذلك الاعراض التي هي من لوازم الوجود كالالوان ، و من هذا القبيل أيضا الليرات العثمانية التي الغيت عن الرواج ، و الذهب و الفضة المسكوكين .الثاني : أن يكون النظر فيها إلى الهيئة و الصورة و الاصال ، و إلى المادة و الهيولى بالتبع ، لكون الاوصاف معدودة من الصور النوعية في نظر العرف ، و ذلك كالاشكال التي يكون عليها مدار التسمية و العنوان في الخارج ، كما في الكاس و الكوز و نحوهما من أن موادها من جنس واحد ، و من هذا القبيل الفرش و الثوب و نحوهما .أما القسم الاول : فالمالية فيها من ناحية المواد ، لان أوصافها خارجة عن حدود الرغبات التي هي من علل ثبوت المالية في المرغوب فيه .و أما القسم الثاني : فالمالية فيها لخصوص الهيئات ، لخروج موادها عن حريم المالية و حدودها ، لكونها إما مرغوبا عنها كالنقود الرائجة المضروبة من القراطيس ، أو مغفولا عنها في قبال الهيئة للتبعية و الاندكاك ، و من هنا اتضح ان المالية إنما تقوم بمواد الاشياء ، إما للرغبة فيها أنفسها ، و إما للميل إلى هيئاتها ، و إما للاشتياق إليهما معا ، و لا تضر بذلك استحالة عراء المادة عن هيئة ما كما لا يخفى .و قد اتضح : ان المراد بالصورة النوعية هنا هي العرفية دون العقلية المبحوث عنها في طبيعيات الفلسفة ، و ان بينهما عموما من وجه ، إذ قد يكون الوصف من الصور النوعية العرفية مع كونه في نظر العقل من الاعراض ، كالرجولة و الانوثة ، فانهما و إن كانا عرضين للانسان ، إلا أنهما في نظر العرف من الصور النوعية ، فالعبد و الامة نوعان في نظر العرف و إن كانا بالنظر الدقيق صنفين من طبيعة واحدة .و قد ينعكس الامر ، فيكون ما هو من الصور النوعية في نظر العقل من الاعراض في نظر العرف ، و ذلك كالثوبين المنسوج أحدهما من الحرير و الآخر من الفنتاز ، فانهما عند العقل ماهيتان متبائنتان ، و في نظر العرفالزعفراني في الفضائل .و الخطيب الخارزمي في أربعينه في تفسير قوله تعالى : ( و رفعناه مكانا عليا ) أنه في صعود علي " ع " على ظهر النبي صلى الله عليه و آله لقلع الصنم .