لم تثبت الملازمة بين الحرمة التكليفية والحرمة الوضيعة
على جوازه فمع ورود الدليل على الجواز نستكشف بأنه ليس داخلا في هذا العنوان ) .و لكن الوجوه المتقدمة الدالة على الجواز حجة عليه ، و من هنا لو أكره الجائر أحدا على الاعانة على الاثم أو اضطر إليها فانه لا شبهة حينئذ في جوازها ، و لو كانت حرمتها كحرمة الظلم لا تختلف بالوجوه و الاعتبار ، و لا تقبل التخصيص و التقييد لما كانت جائزة في صورتي الاكراه و الاضطرار ايضا .قوله : ( و قد تلخص مما ذكرنا أن فعل ما هو من قبيل الشرط لتحقق المعصية من الغير من دون قصد توصل الغير به إلى المعصية محرم ) أقول : بعد ما علمت أنه لا دليل على حرمة الاعانة على الاثم ، و لا على اعتبار القصد في مفهوم الاعانة ، و لا في حكمها فلا وجه لما ذهب اليه المصنف و أتعب به نفسه من التطويل و التقسيم .ثم على القول : بحرمة الاعانة على الاثم فلا وجه للحكم بحرمة البيع في شيء من الشقوق التي ذكرها المصنف ، إذ الاعانة على الاثم إنما تتحقق بالتسليم و التسلم في الخارج ، و من الواضح أن بينهما و بين البيع عموما من وجه .قوله : ( و إن علم أو ظن عدم قيام الغير سقط عنه وجوب الترك ) .أقول : إذا كان البيع على تقدير ترك الآخرين محرما فلا إشكال في ارتفاع الحرمة عند العلم ببيع غيره ، و أما مع الشك فيه فلا مانع من استصحاب تركه .و الحكم بحرمة البيع ، و أما الظن ببيع الغير فما لم تثبت حجيته لا يغني من الحق شيئا .قوله : ( ثم كل مورد حكم فيه بحرمة البيع من هذه الموارد الخمسة فالظاهر عدم فساد البيع ) .أقول : توضيح كلامه : أنه لا ملازمة بين الحرمة التكليفية و الحرمة الوضعية في المعاملات ، فالبيع وقت النداء لصلاة الجمعة مثلا صحيح و إن كان محرما بالاتفاق .و لو سلمنا الملازمة بينهما فلا نسلمها فيما إذا تعلق النهي بعنوان عرضي ينطبق على البيع ، كتعلقه بعنوان الاعانة في بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا ، إذ بين عنوان الاعانة على الاثم و بين البيع عموم من وجه .و على القول بالفساد مطلقا أو في الجملة فلا يفرق في ذلك بين علم المتبايعين بالحال و بين علم أحدهما مع جهل الآخر ، فان حقيقة البيع عبارة عن المبادلة بين العوض و المعوض في جهة الاضافة ، فإذا بطل من أحد الطرفين بطل من الطرف الآخر ايضا ، إذ لا يعقل التبعيض من حيث الصحة و الفساد في بيع واحد ، كما هو واضح .