الاعانة ومفهومها :
مقتضى القواعد في المقام
حرمة بيع المباح ممن يجعله حراما .و أما الصورة الثانية ( أعني التكلم في حكم المسألة من حيث القواعد ) فالكلام فيها من نواحي شتى ، الاولى : في تحقيق مفهوم الاعانة و بيان ما يعتبر فيه ، الثانية : في حكم الاعانة على الاثم ، الثالثة : أنه على القول بحرمة الاعانة على الاثم فهل هي كحرمة الظلم لا تختلف بالوجوه و الاعتبار ، و لا تقبل التخصيص و التقييد ، أو هي كحرمة الكذب التي تختلف بذلك و عليه فتصف بالاحكام الخمسة .حقيقة الاعانة و مفهومها ما حقيقة الاعانة و مفهومها ؟ الظاهر أن مفهوم الاعانة كسائر المفاهيم التي لا يمكن تحديدها إلا بنحو التقريب .فمفهوم الماء مثلا مع كونه من أوضح المفاهيم ربما يشك في صدقه على بعض المصاديق على ما اعترف به المصنف في أول كتاب الطهارة .و قد وقع الخلاف في بيان حقيقة الاعانة على وجوه ، الاول : ما استظهره المصنف من الاكثر ، و هو أنه يكفي في تحققها مجرد إيجاد مقدمة من مقدمات فعل الغير و إن لم يكن عن قصد ، و الثاني : ما أشار اليه في مطلع كلامه من أن الاعانة هي فعل بعض مقدمات فعل الغير بقصد حصوله منه ، لا مطلقا ، ثم نسبه إلى المحقق الثاني و صاحب الكفاية ، و الثالث : ما نسبه إلى بعض معاصريه ، من أنه يعتبر في تحقق مفهومها وراء القصد المذكور وقوع الفعل المعان عليه في الخارج ، و الرابع : ما نسبه إلى المحقق الاردبيلي من تعليقه صدق الاعانة على القصد أو الصدق العرفي ، بداهة أن الاعانة قد تصدق عرفا في موارد عدم وجود القصد مثل ان يطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فيعطيه إياها ، أو يطلب القلم لكتابة ظلم فيعطيه إياه ، و نحو ذلك مما يعد معونة عرفا ، الخامس : الفرق بين الاعانة في المقدمات القريبة فتحرم ، و بين المقدمات البعيدة فلا تحرم ، السادس : عدم اعتبار شيء في صدق الاعانة الا وقوع المعان عليه في الخارج .و أوجهها هو الوجه الاخير ، و تحقيق ذلك ببيان امرين : الاول في بيان عدم اعتبار العلم و القصد في مفهوم الاعانة ، و الثاني في بيان اعتبار وقوع المعان عليه في صدقها .أما الامر الاول : فان صحة استعمال كلمة الاعانة و ما اقتطع منها في فعل القاصد بل و غير الشاعر بلا عناية و علاقة تقتضي عدم اعتبار القصد و الارادة في صدقها لغة ، كقوله " ع " في دعاء أبي حمزة الثمالي : ( و أعانني عليها شقوتي ) و قوله تعالى ( 1 ) : ( و استعينوا1 - سورة البقرة ، آية : 42 .