العلم التفصيلي بكون الجائزة محرمة
و أما الدعوي الثانية فحاصلها ان المال المأخوذ من الجائر على تقدير كونه حراما فهو باق على حرمته الواقعية ، و لكنه حلال في الظاهر بترخيص الشارع ، كبقية الاحكام الظاهرية .و يرد على ذلك أن تلك الاخبار لا يمكن شمولها لجميع الاطراف ، فانه ترخيص في مخالفة حكم الشارع فهو حرام ، و لبعضها دون بعض ترجيح بلا مرجح ، و إذن فتخرج موارد العلم الاجمالي الذي يوجب التنجيز عن حدود تلك الاخبار تخصصا .فبما علم تفصيلا كون الجائزة محرمة الصورة الثالثة : و هي ما علم تفصيلا بكون الجائزة محرمة ، و قد ظهر حكمها من الصورة السابقة ، فلا نحتاج إلى الاعادة و إنما المهم هو التعرض للامور التي ذكرها المصنف في ذيل هذه الصورة .الامر الاول : ما هو حكم الجائزة إذا علم الآخذ تفصيلا بأنها مغصوبة ؟ أقول : إن علم الآخذ بحرمة الجائزة تارة يكون قبل استقرارها في يده و اخرى بعده .أما الجهة الاولى فيحرم عليه أخذها اختيارا بقصد التملك ، للعلم بكونها مال الغير ، و أنه يحرم التصرف في مال الغير بدون إذن صاحبه ، بل يحرم التصرف حتى مع قصد إرضاء مالكه بعده ، فان التصرف في مال الغير إنما يجوز إذا كان المالك راضيا به حال التصرف .و أما الرضاء المتأخر فلا يؤثر في مشروعية التصرف المتقدم ، فيكون الآخذ ضامنا للمالك مع التلف ، لان يده يد عدوان .نعم يجوز أخذه لايصاله إلى مالكه إذا كان معلوما ، أو ليطبق عليه حكم مجهول المالك إذا كان الماالك مجهولا .هذا كله إذا لم يخش ضررا من الجائر لعدم أخذه ، و إلا فلا شبهة في جوازه ، للاخبار ( 1 ) الدالة على مشروعية التقية عند كل ضرورة .ثم إنه هل يجوز أخذ الجائزة عند التقية مطلقا ، أم لا يجوز أخذها إلا بنية الرد إلى مالكها ؟ ذهب المصنف إلى الثاني بدعوى أن أخذه بغير نية الرد تصرف في مال الغير بدون إذنه .و أما التقية فلا ريب أنها تتأدى بقصد الرد .و توضيح مرامه : أن عدم المندوحة و إن لم يعتبر في التقية بالنسبة إلى أصل العمل ، و لكن لا شبهة في اعتباره حال العمل ، مثلا إذا اقتضت التقية أن يكفر في صلاته مع سعةانه ظلم فيه احدا .موثقة بإسحاق بن عمار .راجع ج 2 ئل باب 82 جواز الشراء من غلات الظالم مما يكتسب به ص 555 .1 - قد تقدمت الاشارة إلى مصادرها في ص 445 .