الامر بين إقدام المكره ( بالفتح ) على معصية لا يتضرر بتركها ، و بين إقدام شخص آخر عليها .و مثاله ما إذا أكرهه الجائر على شرب الخمر ، و إلا أكره غيره عليه ، و الظاهر أنه لا ريب في حرمة ارتكاب المعصية في هذه الصورة فانه لا مجوز للاقدام عليها من الادلة العقلية و النقلية ، إلا أن يترتب على ارتكاب المعصية حفظ ما هو أهم منها ، كصيانة النفس عن التلف و ما اشبه ذلك ، وح يكون المقام من صغريات باب التزاحم فتجري فيه قواعده .قوله : ( و كيف كان فهنا عنوانان : الاكراه و دفع الضرر المخوف الخ ) .أقول : توضيح كلامه : ان الشارع المقدس قد جعل الاكراه موضوعا لرفع كل محرم عدا إتلاف النفوس المحترمة كما تقدم ، بخلاف دفع الضرر المخوف على نفسه أو على غيره من المؤمنين ، فانه من صغريات باب التزاحم ، و لكنك قد عرفت أن دليل الاكراه لا يسوغ دفع الضرر عن النفس بالاضرار بغيره ، و عليه فكلا العنوانين من صغريات باب التزاحم ، و على كل حال فتجوز الولاية عن الجائر في كلا المقامين لدفع الضرر عن نفسه و عن سائر المؤمنين .و اما إحراز ملاكات الاحكام و كشف أهمية بعضها من بعض فيحتاج إلى الاطلاع على أبواب الفقة ، و الاحاطة بفروعه و أدلته ، و قد تعرض الفقهاء رضوان الله عليهم لعدة من فروع المزاحمة في الموارد المناسبة ، و لا يناسب المقام ذكره .حكم اعتبار العجز عن التفصى في الاكراه قوله : ( الثالث : أنه قد ذكر بعض مشائخنا المعاصرين الخ ) .أقول : حاصل كلامه أن بعض المعاصرين استظهر من كلمات الاصحاب في اعتبار العجز عن التخلص ان لهم في ذلك أقوالا ثلاثة ، ثالثها التفصيل بين الاكراه على الولاية فلا يعتبر فيه العجز عن التخلص و بين غيرها من المحرمات ، فيعتبر فيه ذلك .و لعل منشأ الخلاف ما ذكره في لك في شرح قول المحقق : ( إذا أكرهه الجائر على الولاية جاز له الدخول ، و العمل بما يأمره مع عدم القدرة على التفصي ) .و حاصل ما ذكره في لك : أنه يمكن أن يكون غرض المحقق هو تعدد الشرط المشروط بأن تكون الولاية عن الجائر بنفسها مشروطة بالاكراه فقط و يكون العمل بما يأمره الجائر بانفراده مشروطا بعدم قدرة المأمور على التفصي .و يرد عليه أنه لا وجه لاشتراط الولاية مطلقا بالاكراه ، فان جواز قبولها لا يتوقف