موضوعه
موضوع الغش لا شك في أن الغش ليست له حقيقة شرعية ، و لا متشرعية ، بل المراد به ما جرى عليه العرف و اللغة ( 1 ) من كونه بمعين الكدر و الخديعة و الخيانة ، و يعبر عنه في لغة الفرس بكلمة ( كول زدن ) و لا يتحقق ذلك إلا بعلم الغاش و جهل المغشوش ، فإذا كان كلاهما عالمين بالواقع ، أو جاهلين به ، أو كان الغاش جاهلا و المغشوش عالما انتفى مفهوم الغش .ثم إنه لا يعتبر في مفهوم الغش انحصار معرفته بالغاش ، فان أكثر افراد الغش يعرفه نوع الناس بإمعان النظر ، خصوصا من كان من أهل الفطانة و التجربة ، و من كان شغله الغش ، فانه لا شبهة أن من الغش جعل الجيد من الحبوب على ظاهر الصبرة ورديه في باطنها و بيع الامتعة في الضلال ، و من الواضح ان نوع الناس يلتفتون إلى الغش في أمثال ذلك بتدقيق النظر ، و لو اختص مفهوم الغش بما انحصر طريق معرفته بالغاش لم يبق له إلا مورد نادر .نعم قد تنحصر معرفته بالغاش كمزج اللبن بالماء ، و خلط الدهن الجيد بالدهن الردي ، و وضع الحرير و نحوه في مكان بارد ليكتسب ثقلا ، و بيع الحيوان مسموما لا يبقي أزيد من يوم و يومين ، و غير ذلك من الموارد التي لا يطلع على الغش إلا خصوص الغاش فقط ، و لكن هذا لا يوجب اختصاص الغش بتلك الموارد ، و عدم تحقق مفهومه في غيرها .و قد ظهر مما ذكرناه أن الغش لا يصدق لغة و لا عرفا على الخلط الظاهر الذي لا تحتاج معرفته إلى إمعان النظر ، فإذا مزج الردي بالجيد مزجا يعرفه أي ناظر اليه من الناس بغير تدقيق النظر ، و جعل الردي في ظاهر الصبرة و الجيد في باطنها فان ذلك لا يكون غشا ، و يدل على ذلك بعض الاحاديث ( 2 ) .1 - في لسان العرب : غشش نقيض النصح و هو مأخوذ من الغشش المشرب الكدر ، أنشد ابن الاعرابي : " و منهل تروي به غشش ) أي كدر و لا قليل ، قال : و من هذا الغش في البياعات .و في مجمع البحرين : المغشوش الغير الخالص .و في المنجد : غشه أظهر له خلاف ما اضمره .و خدعه .الغش بالكسر اسم من الغش بالفتح الخيانة .المغشوش الخالص .2 - في ج 1 كاباب 77 من المعيشة ص 380 .وج 10 الوافي ص 64 .وج